طالبـــــــــــان قادمون ...
والفتنة تدق الأبواب
فإنتبهوا وأقرؤا
التاريخ
بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينة
(الحلقة الثانية)
قـال نصر بن سيّار محذّراً من الفتن ،
ومن مآل الدولة الأموية :
أرى تحت الرمادِ وَميضَ جَمْر ويُوشِكُ أن يكونَ لـهُ ضِرامُ
وأن النـارَ بالعودبـن تُذْكـى وأنَ الحـربَ أوْلُها الكَـلامُ
وإن لم يطفهـا عقـلاء قـوم يكـونُ وَقودُهَا جُثثٌ وَهَـامُ
وُقلتُ من التعجب ليت شِعْري أئيقـاظٌ بن أميـة أمْ نَيَـامُ
وكان نصرٌ هذا أميراً داهية وهو شيخ مضر بخراسان في العهد الأموي منذ
العام 120ﻫ ،
وكان قد غزا مغازى كثيرة وفتح حصوناً عديدة وغنم مغانم جمّه ، ولما قويت شوكة
العباسيين كتب إلى بني مروان ينذرهم ويحذرهم فلم يأبهوا للخطر ، وحين تغلّب أبو
مسلم الخراساني على خراسان هرب نصر من مرو التي كان قد أستقّر بها .. هرب عام 130ﻫ
ورحل إلى نيسابور ، وكتب إلى مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية (الحمار) هذه
الأبيات .
وبينما أنا أواصل كتابة هذه الحلقة اليوم السبت 21/1/2012 م استمع
إلى أصوات تصمّ الأذان ، وتحفّز أجهزة إنذارات السيارات لتنطلق بسبب تلك
الإنفجارات وضغط الهواء المترتبّ عليها ، وتثير الرعب في النفوس ، وترفع من مستوى
الضغط في الدماء والقلوب مما دعاني إلى التوقف قليلاً عند هذا المشهد الإرهابي
المتعصّب والمؤذي والمستهجن والمكفّر والمستورد على ما يبدو من الشعارات التي
يرفعونها والكلمات التي كانوا يرددونها من دولة عربية إسلامية نفطية بعينها عزّ
عليها – كما عزّ على غيرها من الدول العربية اللصيقة أو البعيدة السوداء أو
البيضاء ، والتي كانت قد أثرت وتأثرت بالأموال المتدفقة عليها من المقبور الطاغية –
عزّ عليها أن تخْطف أضواء الإعتراف بليبيا منذ الساعات الأولى دول مثل : فرنسا
وقطر والإمارات العربية .
وكنت قد سمعت قبل أيام روايات مزعجة عن نبش قبور ، وهدْم أضرحة في
مدينة بنغازي مثل زاوية سيدي البهلول في اللثامة وسيدي عبيد ومقبرة في سيدي خليفة
، وأخرى في الكويفية ، وعن مظاهرات ترفع رايات سوداء تحمل فكر أبي مسلم
الخراساني وفي بعضها ترفع رايات كسيله والكاهنة ، ومظاهرة أخرى يقودها
مقنعّين وملثمين تحسبهم كوكلوكس كلان K.K.K. ، الجماعة الأمريكية المتعصّبه للجنس الأبيض والمنحازة
ضد المسيحيين الكاثوليك والزنوج وهم من المسيحيين البروتستانت في
الولايات المتحدة الأمريكية ويحملون الصلبان وهي تلتهب وتلتهمها النيران وربما
ليحرقوا بها مساكن أو سيارات أو ممتلكات خاصة بأحد الزنوج أو المواطنين الكاثوليك
أو أي مسيحي آخر لا يكون (بروستانتياً) أما الذين شاهدتهم في بنغازي هذا المساء
فهم للحق والواقع لا يحملون لا صلباناً ولا مسدّسات ، هم فقط يحملون السيوف
يلوّحون بها ويرهبون المارة ويرفعون الرايات السوداء وترافقهم النسوة المختمرات
يتصايحن بدعوات وشعارات تكفيرية ، وعندما تَوَقفَتْ صَبيّة - لا يتجاوز عمرها
العشر سنوات - لتراقب المشهد من باب حب الإستطلاع صاح بها أحد
"النشّامى" المتلثمين ملوّحاً بسيفه ناهراً إياها بالقول : إنصرفي !!
إنصرفي !
يبدو أن السبب في ذلك التلويح لها بالسيف كونها لم تكن مختمرة !!! أو
متخمّرة مثل "مرافقاتهم" لست أدري ما هي الكلمة الصحيحة .
وإني لأتساءل : أين كان هؤلاء أيام حكم "قراقوش" السرتاوي
، ولماذا لم نسمع منهم هذه الشعارات والهتافات طيلة أربعين عاماً أو يزيد ...؟
ونقول "سقا الله" – على رأي السوريين ، أيام نتف اللحي في سراديب الأمن
الداخلي ، والصعق بالكهرباء على أيدي (س.و-ع.هـ) وزبانيتهما ومن على شاكلتهما ،
أيام كان يطلق عليهم إسم "الزنادقة" ؟ وأيام كانت التعليمات الصادرة إلى
إدارة الهجرة والجوازات تقضي بعدم إصدار أو تجديد أي جواز سفر ليبي إذا كانت الصور
الشمسية المرفقة بطلب ومسوّغات الإستخراج أو التجديد ، يظهر فيها صاحب الجواز
ملتحياً ، وأيام قصف هؤلاء من الجوّ بقنابل النابالم وغاز الأعصاب ، وهم في كهوف
الجبل الأخضر ؟
وكذلك أيام كانوا على قوائم الممنوعين من السفر ، وأيام كان تقصير
السرابيل وإرسال اللحّا مبررّاً كافياً للإقامة الجبرية في "الباستيل"
أي "بوسليم" إلى ان يقضى "قراقوش" وصهره عبد الله السنوسي
أمراً كان مفعولاً . أم اتخذ هؤلاء شعار "ليبيا حره" أو "أرفع راسك
فوق أنت ليبي حرّ" ليفعلوا ما بدا لهم ويتخذ هذه الشعارات ذريعة لإرتكاب ما
عنّ له من خطايا وأخطاء بتحريض من الخارج أو من الداخل من نفس مريضه ، وإني
لأتساءل اليوم : ما الفرق بينكم وبين ذلك العهد الذي ولّى إلى غير رجعة بأزلامه
وسذيته وكهنته يوم نبشوا قبور الصالحين والأولياء أمثال السيد الإمام العلامّه
محمد بن علي السنوسي وأسرته بالجغبوب والإلقاء بجثامينهم في الصحراء ، وكذلك مقبرة
سيدي رافع بن ثابت الأنصاري الصحابي المجاهد بمدينة البيضاء في عام 1985م
أنا أقول لكم ما الفرق .
إن الفرق بينكم وبين أولئك هو أنهم كانوا كفّاراً في الأصل أما أنتم
فكنتم مسلمين مثلكم مثل إبليس لكنكم فسقْتم عن أمر ربّكم فأضلّكم الله )أفأنْتَ تُكْرِه الناس حتى يكونوا
مؤمنين( (يونس 99) .
وهذا السؤال الإفتراضي التهكمي من الله عز وَجلَّ موجّه إلى النبي
محمد صلى الله عليه وسلم فإذا كان الله سبحانه وتعالى لم يُكره ولم يحب لأحدٍ أن
يؤمن بالإكراه ولو بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويقول أيضاً : )لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من
الغيّ ، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد إستمسك بالعـروة
الوثقى لا إنفصام لها والله سميع عليم( صدق
الله العظيم (البقرة 256) والمقصود بالآية وجادلهم بالتي هي أحسن هم
الكفار وليس بالموحدين الذين لايحتاجون دعوه ولا جدال ، والناس كفرت بالطاغوت
وقتلته فهي آمنت بالله والحمد له .
والشعب في ليبيا كفر بالطاغوت وقتله ودفنه يوم الخميس 20/10/2011م فهو قد آمن بالله وإستمسك بالعروة الوثقى .
وخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم في عباده قائلاً )ليس عليك هُداهم ولكن الله يهدي من
يشاء((البقرة 272)
) ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذّبهم ( (آل عمران 128) .
) إنما أنت بمُذكّر لست عليهم بمسيطر( (الغاشية 22) .
وقال تعالى في سورة النحل يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم :-
) أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن
ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ، وهو أعلم بالمهتدين ( صدق
الله العظيم (النحل
125) وأنا أتساءل من الذي ظلّ غيركم ؟
والشعب ترككم لله ليهديكم ولم يكفرّكم .
وإذا كان لك من سبيل للدعوة إلى دين الله فإن الله يأمر بألا يكون
ذلك السبيل بقوة السيف وبالمهاترات ورفع الشعارات في غير محلَّها بالفجور ونبش
القبور وهدم الأضرحة ، وما الفرق بينكم وبين المقبور ، ألم يقصف صوامع المساجد
(التي أمر الله أن يذكر فيها إسمه) قائلاً بأن لا وجود لأظلم ممن قصف مساجد الله
وبالتالي (منع عباده أن يذكر فيها إسمه) ، ولم يأمر بنبش قبور الصالحين ؟ أنسيتم
قبور الرجل الصالح (داوود) في البركة ، والرجل الصالح "بوسديرة" الذي
كان ضريحه مقابل كتيبة الذعر والقهر في البركة ، وضريح سيدي امنيذر في
طرابلس مكان الساحة الخضراء وأضرحة أخرى في درنة منها سيدي عون وسيدي عزيز لا أذكرها . وإني لأتساءل : هل إنتهت
مشاكلنا الملحّة والتي تعيق حياتنا اليومية ومستقبل البلاد وأبناءنا – والدستور
والإنتخابات البرلمانية ، والمستقبل الإقتصادي للبلاد ومشاكل التعليم والصحة ،
والمرافق والبنية التحتية ، وفوق ذلك تحقيق العدالة والأمن ومحاسبة قتلة اللواء
عبد الفتاح يونس رحمة الله عليه ، ورؤوس الفساد ، ومحاسبة المسئولين عن تهريبهم
إلى مصر وتونس والنيجر والجزائر ؟
هل إنتهينا من كل هذه المشاكل ؟ ونتساءل أيضاً هل حقاً أصبحنا
أحراراً ؟
أم أن تحرير البلاد من الطغاة المفسدين الظالمين أعطاكم الحق والحرية
التامّة في أن تقوموا مقامهم وتسلكوا مسالكهم ؟
تبغى النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تمشي على
اليبس
)والله غالب على
أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون( صدق الله العظيم (يوسف 21)
؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق