العهد الـــجديد..القديم
الكاتب : مفتاح بوعجاج
الأمم الديمقراطية المتقدمة عالجت امراضهاوعللهابأفكار ثقافية وسياسية نورت
العقل والنفوس والأوطان ولذلك أطلق على تلك العصور ..عصور التنوير.
الأمم التي تزال متخلفة تلوثت عقولها ونفوسها بأفكار متخلفة لا أجد ما أطلق
عليها سوى ..عصر الانقلابات والعسكر الهمج والمتخلفون ...مرت ايطاليا ألمانيا
واليابان في فترة زمنية معينة بعصر انقلابات ..إلا أن الأفكار الديمقراطية العظيمة
التي رسخت عند شعوبها وفى عقولها وباطنها بفضل عصر التنوير استطاعت أن ترجع بتلك الأمم
إلى مصاف الدول الديمقراطية الحديثة.
نحن نقع ألان في وسط معمعة الأفكار والإيديولوجيات المتقاطعة والمختلفة
والبعض منها متخلفة والبعض منها اكاديمى لا يصلح إلا في قاعات المحاضرات والتنظير التي
أن اتبعناها فسنتيه الطريق إلى بناء بلد ديموقراطى حديث وان جمعناها بطريقة
المعادلات الرياضية فستكون نتيجتها صفرا بل أحيانا ستكون سالبة النتيجة كأنها أسهم
متضادة الاتجاه والقيمة.
حتى من لديه الوقت والنية الحسنة لإتباع ما يكتب أو ما يقال سيتوه ولن يعرف
ما هو الصواب وما هوالخطأ..وما هي الطريق الاصوب والأصح لبناء بلاد دمرت ونفوس
وعقول لوثت وتاريخ تم تزويره بمنهجيه على يد معلمون مهرة في التزوير والكذب
والافتراء و شعارات وإيديولوجيات فاشلة مع ثروات لم تأتى بجهود حقيقية منتجة بل
ثروات طبيعية جاهزة نابعة من الأرض جعلت الكل يتصارع للحصول عليهاوبأى طريقة وجعلت
من الجميع يتصارعون على السلطة ويتركون الوطن ..بل أصابنا الفشل حتى في توزيعها
توزيعا عادلا أو استثمارها في اقتصاديات صحيحة تصلح لما بعد انتهاء تلك الثروات الناضبة .
أخذنا من تلك الأمم المتقدمة ما هو مادي وتقنى ومظهري جاهز ولكن لم تتطور
عقولنا أو افكارناوثقافتنا لنصل إلى مستوى مدني متحضر ..فأصبحت مدننا وقرانا خليطا
من التخلف العجيب والغريب ..واقتصادا تمزق إلى أن أصبح اقتصادا نقديا ورقيا مجهول
الهوية..وإداراتنا كأنها نجع به الشيخ والرعية والعطية والجواري والغزو والغنائم وجامعاتنا
كأنها مكان للحصول على اكبر ثروة ممكنة ولا مكان فيها للعلم والبحوث العلمية
لمعالجة مشاكل مجتمعنا بحق وحقيقي ، تخّرّج في أنصاف متعلمون ملوثو الفكر
والعقيدة ..وشوارعنا كأنها مكان لسباق الخيول وأرصفتنا كأنها معارض للمنتجات
الضارة والمنتهية الصلاحية لا حقوق للمشاة فيها..وجيوشنا ملوثة العقيدة والوطنية أصبحت
مكانا فقط للحصول على الرتب والأوسمة بدون انتصارات أو معارك وطنية ..ولذا انتصروا
فقط ونجحوا في الاستيلاء على الشرعية والأملاك الخاصة والعامة وتأميم ما وجدوه
ليجعلوا الشعوب تأكل زقوما حراما ودينا مؤجلا سنظل ندفع ثمنه لأنه باطل...وتحولت
الشرطة من خدمة القانون والشعب إلى أمكنة لاستعراض العضلات والرتب وفرض النفوذ وجر امرأة مسكينة وتعريتها إمام
أنظار العالم وكأنهم بذلك يخدمون القانون والوطن أو جلد امرأة مسكينة لأنها لبست
بنطلونا ...وكأن البنطلون المسكين سيضر
الوطن .
عندما تستمع إلى أفكار زعمائنا وحكمائنا الذين تخرجوا من أكاديمية الوطن
الحقيقية في الجهاد والاستقلال ولم يتلوثوا بأفكار أو إيديولوجيات متعددة ومتناقضة
تمس حرية البشر والمواطنة ونعود إليهم بعد هذا التيه وبعد ثورات الربيع العربي
..سنجد حكمتنا الضالة في أن بناء الوطن هو أن نخرج من رؤوسنا ما أتى بعدهم من أفكار
وإيديولوجيات وفتاوى مضلله وان نعود إلى نقطة الصفر التي بدئوا منها بعد هذا
الدمار الذي حل بالوطن وبالرؤوس بعد الانقلاب عليهم وهدم ما بنوه ..وهذا هو مطلب
ثوار 17 فبراير ..دولة الحرية والديمقراطية .. وهم الذين أكدوا هذا المطلب بعودتهم
إلى راية الاستقلال ونشيد بلادهم الشرعي بدون أن يستفتوا فيه احد ودون أن يتركوه
للمهاترات القائمة اليوم ونعم ما فعلوا وإلا لكنا اختلفنا فيها أيضا بفضل (الأسهم والأفكار
المتضادة التي تدور رحاها اليوم). .
نعود لدستور عصري ديموقراطى يحفظ حقوق الفرد والجميع ودولة ليبيا الموحدة في
إطار تقسيم أدارى يحقق مبدأ اللا مركزية والعدالة والمساواة تكون فيه الحكومة من
ذوى الوطنية والكفاءة(أؤكد الوطنية أولا) ويكون برلمانها ممثلا لكل أطياف الشعب الليبي..ما
حصل من دمار للنفوس والأموال والعباد والبلاد لم يكن سببه نظاما إداريا أو سياسيا
حتى نلقى باللوم عليه ..لسبب بسيط انه لم يكن لليبيا بعد انقلاب 69 نظاما ..بل
كانت عصابة همجية حاقدة طامعة جاهلة تحكم ليبيا وتسخر خيراتها لها في ظل
إيديولوجية عجفاء مريضة لا تصلح حتى لرعاية قطيع ...وللحق كانت تلك العصابة من كل أنحاء ليبيا
حتى لا نلقى باللوم على جهة معينة لاتهامها أو إلقاء اللوم عليها ..وهى التي أفرزت
هذا الظلم والواقع المتخلف .فليبيا يا سادة لها من التاريخ المضيء ما يجعلنا نرى
وراء النفق ضوءا باهرا قد تعامى عنه الجميع ولم يروا فيه غير المطبات والحفر التي
ملئت الطريق ..ضوءا لو سرنا نحوه سنرى
جوهره دستورا عادلا(يحتاج إلى بعض التعديلات بما يواكب تطلعات الليبيين اليوم)
وقضاء مستقل واقتصادا مزدهرا وحرية إعلام حر وفكر مستنير ودينا قويما ومؤسسات
مجتمع مدني وطنية سليمة وعلاقات دولية محترمة ومواطنا ليبيا محترما مهابا ...وأمة
عظيمة كانت تسير للعلا والازدهار والتقدم ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق