ثــورة 17 فبرايـر فـي الميــزان
وإلــى أيـــن ؟
الحلقـــــة (3) بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه
انطلقت الشرارة الأولى للثورة الفرنسية يوم 14/7/1789 وسقوط سجن الباستيل أو قلعة الرعب بالنسبة للشعب الفرنسي والذي يقع في إقليم " سان أنطوان " شرق العاصمة باريس .
وانطلقت الشرارة الأولى للثورة الليبية يوم 17/2/2011 وسقطت كتيبة الذعر والقهر التي تقع إلى الشرق من العاصمة طرابلس . وبسقوط سجن الباستيل اندلعت الثورة الفرنسية لتشمل كافة الأقاليم في فرنسا ، وبسقوط كتيبة الذعر في بنغازي اندلعت الثورة شرقاً وغرباً وجنوباً كالنار في الهشيم ، وسقطت كل الأقاليم الواقعة إلى الشرق من بنغازي في أيدي الثوار الذين واصلوا زحفهم غرباً وجنوباً ليلتحقوا بباقي الثوار هناك ويتم لهم تحرير ما تبقى من التراب الليبي بالكامل في غضون تسعة أشهر .
وبعد أربعة أعوام على نشوب الثورة في فرنسا تم إعدام الملك لويس 16 وزوجته الملكة أنطوانيت بالمقصلة وذلك يوم 21/1/1793 .
وبعد ثمانية أشهر وثلاثة أيام على اندلاع الثورة في ليبيا ، تم إعدام الطاغية وأحد أبنائه ، وذلك يوم الأحد 20/10/2011 ، ولكن بالبارود وليس بالمقصلة .
سوف نلاحظ فيما يلي من صفحات التشابه بين الثورتين في سياق الأحداث ، رغم إختلاف ثقافة وديانة كل من الشعبين ، ورغم اختلاف الدوافع والأسباب لهاتين الثورتين ، ورغم مرور ما يقرب من مائتين وإثنين وعشرين عاماً على اندلاع الثورة الفرنسية الكبرى .
دعونا نتعرف أولاً على الشخصيات والعناصر المتركبة منها فرنسا خلال القرن 18 ، الذي نشبت فيه الثورة الفرنسية .
* البــلاط :- الملك لويس 16 ، الذي كان ملكاً على فرنسا منذ العام 1774 ، وفي عهده نشبت الثورة عام 1789 ، وقد أعدمه الثوار مع زوجته الملكة ماري إنطوانيت يوم 21/1/1793 .
* الملكة أنطوانيت :- وهي التي بولغ في وصف سلوكها ، واشتط في وصفها الشاعر " بالسامو " باللعوب والداعرة والمنغمسة بشكل مفرط في الملذات والمسرفة في كل شئ . غير أنني كنت قد قرأت في كتاب " أحجار على رقعة الشطرنج " للأدميرال وليام غاي كار ، يقول أن هذه الأوصاف مبالغ فيها جداً من قبل اليهود كونهم المحرضين على الثورة لمصلحتهم في زعزعة الإستقرار الأمني لفرنسا ، وبالتالي تدمير إقتصادها لتدعوها الحاجة على أثر ذلك إلى الإستنجاد بهم ، أي المرابين اليهود ، والإقتراض منهم لإصلاح حال الإقتصاد الفرنسي الذي كان يتهاوى آنذاك وأشرف على الإفلاس ، وقصة " عقد الملكة " ، تبيّن لنا ذلك التحامل والإفراط والمبالغة في توجيه أرذل الإتهامات في صورة أهازيج وأشعار تندد ساخرة حاقدة بالملكة زاعمة أن عشيقاً سرّياً لها هو الذي أهداها ذلك العقد الشهير الذي يحوي أثمن وأنفس المجوهرات الكريمـة النادرة ..وذلك إعجاباً بمفاتنها المبذولة له وثمناً للإستمتاع بهذه المفاتن .. ولقد ثبت للمؤرخين بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه القصة كانت مؤامرة ولم يكن هناك لا عاشق ولا ملكة في الواقع .. وقد قام بفبركتها المدعو " بالسامو " اليهودي ، لمصلحة المرابين من اليهود النورانيين(1) والماسون والهدف منها إسقاط النظام بعد تحقيق إفلاسه .
وليس هنا مجال للإسهاب في هذا الموضوع ، إلا انه قد توجّب عليّ ذكر بعض التفاصيل حول إتهام وتبرئة الملكة التي وصفتها الانسايكلوبيديا الإنجليزية كولييرز Collier's Encyclopedia " بأنها كانت تعتبر رمزاً للخلاعة والدعارة والإسراف في الملذات في البلاط الملكي "
"The Queen was a symbol of the WANTON extravagance of the Monarch's Court "
* ماكسميلان روبسبيير Maximilien Robespierre
وهو من أبرز رجالات الثورة الفرنسية ، وهو الذي بدأ عهد الإرهاب فقضى على معظم خصومه السياسيين ، وكان هو المؤسس لجماعة اليعاقبة وهي جماعة سياسية إرهابية متطرفة عرفت بنشاطها الإرهابي خلال الثورة الفرنسية . اعدمه الثوار بالمقصلة عام 1794 بعد عام واحد من إعدام الملك لويس 16 .
* ميرابو الكونت :- Mirabeau Comte de
وكان ينتمي لطبقة النبلاء ، ويتمتع بنفوذ كبير في البلاط الملكي ، وكانت حياته المشينة الإباحية قد طوقت عنقه بالديون ، وكان إلى جانب هذا كله خطيباً مفوّهاً وبليغاً . وعلى العموم فلا يزال الغموض يكتنف حتى الآن الدور الحقيقي الذي لعبه هذا الشخص في الثورة الفرنسية .
* دي لاكلـو :- إشتهر بأنه كان حوّل قصر الباليه رويال الملكي الذي عهد به إليه إلى أضخم وأشهر دار للتهتك والفجور عرفها العالم حتى ذلك الحين .
* كالبستـرو :- (جوزيف بالسامو) وكان يهودياً ، وأصله من مدينة بارما في إيطاليا ، وإشتهر بإسم الساحر قبل الثورة ، وإشترك في فضائح إجتماعية كثيرة ، ولطخت فضائحه أكثر من أسرة من سيدات الطبقة الراقية ، ولم تنج منها الملكة ماري إنطوانيت نفسها وقد أثارت شهرته بالسحر ضجة كبيرة في فرنسا ، وإنتهى أمره بالإعدام .
* جورج دانتون :- Georges Jacques Danton أحد زعماء الثورة الفرنسية ، أعدم بالمقصلة عام 1794 .
* دون دورليان :- وهو الذي عرف بالتاريخ بإسم (فيليب المساواة) ، وكان قد صوّت على إعدام إبن عمه الملك لويس 16 ، ولعب دوراً هاماً بتوجيه الشكوك والغموض إلى الثورة الفرنسية بإسم لويس فيليب . تنازل عن العرش عام 1848 .
------------------------
(1) تعني كلمة نوراني الشخص الملهم الذي يتلقى النور ، وكانت قد أنشئت منظمة خاصة خاضعة للحاخامات وظيفتها تمكينهم من التنفيذ الفعلي لمشيئتهم التي يزعمون أنها من وحي إلهي ، وهكذا إئتمر عدد من كبار حاخامات الكنيس اليهودي وكبار المرابين ورؤوس اليهودية العالمية ، وقرروا تأسيس مجمع سري يعمل على تحقيق أغراضهم إسمه "المحفل الماروني" ، وقد إشتُقّت كلمة "النوراني" من الميثولوجيا اليهودية ، من كلمة (لوسيفر) (Lusipher) وهي إسم للشيطان في الأناجيل اللاتينية ومعناها الحرفي (حامل النور) .
؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق