اللامركزية الإدارية الموسعة في ليبيا
وسيلة لتحقيق العدالة وبناء الديمقراطية
أ.د.عبدالقادر عبدالله قدورة
أستاذ القانون الدستوري – بنغازي
( الجزء الثالث )
إذن نحن في مرحلة الاستعداد للانتخابات ، انتخاب المؤتمر الوطني العام ، نحدد الحدود الجغرافية و الإدارية ثم نبدأ في تشكيل و إن كنت أرى بأنه يفترض تشكيل الهيئة العليا للانتخابات و التي تبدأ بالعمل مع انتخابات المؤتمر الوطني العام و هي التي تضع و تحدد مراكز التسجيل و لجان التسجيل ثم الإعلان عنها و الطعن فيها فيما بعد و لكن حتى الآن للأسف لم يصدر أي شيء و هذه من الأمور التي لا تبشر بالخير نظراً لضيق المدة المحددة بين إعلان التحرير و انتخابات المؤتمر الوطني العام .
إن البدء في التسجيل في سجلات الانتخاب ضروري و هذه أساسية ،حيث على كل ليبي و ليبية بلغ من العمر 18 و ما فوق أن يتقدم لمراكز التسجيل حتى يتمكن من الترشح و الانتخاب في انتخابات المجلس و هذه أمور هامة و يجب أن يتم الإعلان عنها بأسرع ما يمكن حتى يتمكن الناس من التسجيل في هذه السجلات وفق الشروط و الإجراءات التالية :-
1- من الطبيعي أن يكون ليبي الجنسية و هذا يمكن إثباته بكتيب العائلة للأسرة أو للشخص نفسه أو بالبطاقة الشخصية و بالتالي يستبعد من التسجيل من له الجنسية الليبية منذ أقل من 10 سنوات و كذلك من يحمل الجنسية العربية.
2- أن يكون قد بلغ من العمر 18 سنة و ما فوق.
3- أن يكون مما عرف عنه الاستقامة و حسن الخلق و عدم ارتباطه بنظام القذافي أو كان أحد أزلامه أو السارقين للمال العام .
4- يتقدم كل ليبي تتوفر فيه الشروط السابقة للتسجيل في مركز التسجيل في النطاق الإداري الذي صدر فيه كتيب العائلة الخاص به أو بأسرته و المدون فيه اسمه ، و بالتالي محافظة الجبل الأخضر أو الزاوية أو مصراته مثلاً لا يقوم بالتسجيل فيها إلا من صدرت كتيبات العائلة في هذه المحافظات و على كل صاحب كتيب عائلة أن يلتحق بالمحافظة التي صدر بها كتيب العائلة الخاص به حتى يتمكن من التسجيل في قوائمها ثم يقوم بالترشح و التصويت فيها، فمناط التأهيل للترشيح هو المكان الذي صدر فيه كتيب العائلة و مناط التصويت هو أيضا المكان الذي صدر فيه كتيب العائلة و هذه القضية مهمة للغاية فالناس يعرفون بعضهم بعض في مناطقهم و هم معروفون بطريقة أفضل بين أهلهم و ناسهم .
رغم أن هذا الكلام ربما لا يصدق على الجميع فهناك الكثير و في ظل نظام الطاغية حيث كانت القبيلة و القرب من السلطة يسمح لبعض الأشخاص بعمل كل شيء و في كل مكان و جعل النظام من بعضهم سادة في أماكن هي ليست لهم.
و عند الانتهاء من التسجيل في مراكز التسجيل في المدة المحددة و اللازمة و اعتقد أن كل محافظة يتم تحديد المدة فيها بحيث لا تقل عن ثلاثة أشهر و بعد انتهاء المدة و قفل التسجيل يتم الإعلان عن هذه التسجيلات حيث تعلق أوراق التسجيل و لمدة شهرين بالأسماء في الأماكن التي تم التسجيل فيها وفق كما قلنا مكان صدور كتيب العائلة و هنا يمكن للجميع الاعتراض أو إبداء الملاحظات فربما حصل خطأ في الاسم أو البيانات كذلك ربما تم تسجيل شخص ليس له الحق في التسجيل و كل هذه الاعتراضات و الملاحظات يجب أن تكون مكتوبة و تسلم إلى لجنة التسجيل في مراكز التسجيل الذي تنظر فيها و تأخذ بصددها ما ترى و عند الانتهاء من التسجيل و الطعن عليه تصبح هذه السجلات كاملة و جاهزة و نهائية للانتخابات سوى كانت انتخابات المؤتمر الوطني العام أو الانتخابات التشريعية اللاحقة بإذن الله تعالى.
يتم الإعلان عن الانتخابات في كل محافظة على حده ، حيث المطلوب أن تقوم كل محافظة بانتخاب 20 عضوا يمثلونها في المؤتمر الوطني العام و هذه قضية غاية في الأهمية و يجب أن ننتبه بأنني هنا أتحدث عن انتخابات المؤتمر الوطني العام و الذي يفترض أنه سيضع الدستور الدائم للبلاد و هناك الكثير الذين يمكن أن يعترضوا و لكن هذه الطريقة هي أفضل الطرق و أكثرها عدلا للأسباب التالية :-
1- على مستوى التركيبة السكانية هناك تفاوت غير طبيعي بين المناطق و هذا التفاوت لا علاقة له بالتقدم الصناعي و الاقتصادي الذي قد يؤدي إلى تكدس الناس في أماكن دون أخرى ، إنما سببه الوحيد و الرئيسي هي سياسة الطاغية في مركزية القرار السياسي و المالي في منطقة دون أخرى مما دفع الكثير من الناس إلى التمركز قرب هذه المناطق أو فيها، كذلك التسجيل و التصويت في مناطق صدور كتيب العائلة سوف يدفع الكثير من هؤلاء الناس للعودة إلى مناطقهم للمشاركة في الانتخابات إن معيار الكثافة السكانية سيكون بجميع المعايير معيار غير عادل و غير ديمقراطي و فيه شكل جديد من أشكال الدكتاتورية و يجب على الناس أن يناضلوا ضده.
2- هذه الطريقة تسمح لكل محافظة بالتعبير عن اختياراتها و على هذا فالمال لا يمكن أن يسيطر على كل المحافظات كذلك كل التيارات السياسية و غيرها لا تملك المقدرة أن تسيطر على كل المحافظات حتى يخرج المؤتمر الوطني العام بلون واحد بالإضافة إلى ذلك فالمحافظات التي توجد بها أقليات و هنا أذكر بالخصوص الامازيغ و التبو و الطوارق و ربما أقليات أخرى تستطيع عن طريق المحافظة أن تضمن تمثيلاً لها وفق هذه الانتخابات كذلك أود التذكير أن استخدام مكان صدور كتيب العائلة ربما سيساهم في إعادة الخارطة الديمغرافية للأشخاص الذين يتم انتخابهم بحيث يتم انتخاب الأشخاص المؤهلين بعيدين عن التعصب القبلي أو الإقليمي فعلى سبيل المثال ، محافظة بنغازي حدث فيها تغيير ديمغرافي كبير عن قصد أو بدون قصد عن حسن النية أو بسوء النية خلال نظام الطاغية و اعتقد أن هناك الكثير من كتيبات العائلة التي صدرت في بنغازي للكثير من الناس الذين لم يولدوا فيها ، و مع ذلك هؤلاء عندما يشاركون سوف يفكرون في الشخص الذي سيقومون باختياره لا بالمنطقة أو القبيلة التي ينتمي إليها أو هكذا أملي إن شاء الله في بنغازي .
يبقى تقسيم كل محافظة أيضاً لدوائر انتخابية و هذه لا تتم إلا بعد الانتهاء من السجلات الانتخابية و انتهاء فترة الاعتراض عليها و عندها نعرف عدد المسجلين للانتخابات و عندها نقسم عدد المسجلين على عدد المقاعد و هي 20 و بالتالي يظهر كم ناخب في كل دائرة ربما عن كل دائرة شخص واحد و لكن يمكن دمج عدد من الدوائر مع بعضها و اعتبارها دائرة واحدة نريد منها انتخاب شخصين أو ثلاثة على حسب الحالة و هذه عملية ليست بالسهلة تتطلب جهد و خبراء لإعادة تقسيم و توزيع الدوائر حتى يتمكن الجميع من المشاركة في هذه العملية الانتخابية الأساسية لأنها هي التي تصنع الدستور الدائم أي مستقبل ليبيا .
بعد إعداد سجلات الانتخاب و دوائر الانتخابات و تشكيل لجانها و مراكز التصويت و تشكيل لجانها أيضاً و بالإمكان أن يكون في دائرة انتخابية واحدة أكثر من مركز للتصويت. يعلن عن تاريخ للتقدم للترشيح لعضو المؤتمر الوطني العام و يتم تحديد فترة التقدم لهذه العضوية و تاريخ قفلها ، و عندها يتقدم كل ليبي من يرى في نفسه الكفاءة و القدرة للترشيح و ذلك بتسجيل اسمه في الدائرة التي يريد الترشيح فيها و لا اعتقد أن نضع شروط جديدة للترشيخ لهذه الوظيفة و هو عضو في المجلس الوطني العام و لا اعتقد جائزاً أن نضع شرط السن حيث هناك من يرى أن العضو المترشح لا يجوز أن يقل عمره عن 30 سنة و اعتقد أنه خطأ فالترشيح مفتوح لكل الليبيين و الليبيات البالغين من العمر 18 سنة و ما فوق و لا أريد التوقف كثيراً حول هذه النقطة . و عند قفل باب الترشح تعلن الأسماء في الدائرة المترشح فيها و يجوز لكل مواطن في الدائرة أن يطعن أمام الدائرة المستعجلة في المحكمة التي تتبع لها منطقة الدائرة و على المحكمة أن تبت في الأمر خلال 48 ساعة على أقصى تحديد بقبول الترشيح أو رفضه .
ثم يأتي اليوم المحدد للتصويت و عندها كل شخص يذهب إلى مركز الاقتراع التي قامت الدائرة التي يقع فيها بتحديده ، حيث هناك لجنة تتأكد في البداية من وجود اسمه في السجلات و يجب أن يصحب معه ما يثبت شخصيته و إلا فإن تصويته سيكون باطلاً ، ثم يقوم باختيار مجموعة الأوراق التي أمامه حيث في كل ورقة اسم مرشح أو ورقة واحدة فيها كل المرشحين و هو يضع علامة على المرشح الذي اختاره، و لكن أعتقد أن ورقة واحدة و بلون مختلف لكل مرشح هي الوسيلة السهلة و الممكنة في مجتمعنا اليوم لإجراء الانتخابات و يقوم الناخب بوضع الورقة في صندوق الاقتراع بالتأكيد أنها لحظة تاريخية لهذا الشعب العظيم الذي قدم التضحيات من أجل الوصول إلى هذه اللحظة و عندها بالتأكيد نتذكر أولئك الشباب الشهداء الأبطال الذين مكنونا من الوصول إلى هذه اللحظة.
ثم بعد الفرز يعلن فوز الشخص أو الأشخاص الذين تحصلوا على أعلى عدد من أصوات الناخبين و هذه طريقة الأغلبية الاسمية ، بمعنى أن المرشح تقدم باسمه هو و تحصل على أغلبية الأصوات أو أكثر الأصوات .طبعاً هناك الكثير من التفاصيل الفنية التي يهتم بها أصحاب العلاقة مع العملية الانتخابية و هي كلها تهدف لضمان حسن سير العملية الانتخابية من البداية حتى إعلان النتائج ، حيث ستعلن إن شاء الله كل محافظة عن أسماء العشرين شخص الذين تم انتخابهم من شعبهم في مناطقهم مع ترك فرصة أسبوع للطعن على النتائج أمام الدائرة المستعجلة في المحكمة التي يقع في دائرتها ، و بالتالي هم لم يأتوا بالتعيين أو بالقفز على المناصب بالتملق و النفاق و أنما الشعب أختارهم بعملية انتخابات نزيهة و شفافة و من هنا تأتي قوة الرجال و الحكام الحقيقيين فهم يستمدون القوة من شعوبهم بالانتخابات.
هذا المؤتمر الوطني العام، عليه واجبات يجب أن يقوم بها ، في رأي أهمها و أعظمها أن يضع دستور عادل و متفق عليه فهو جمعية تأسيسية و بالتالي فهو ليس مجلس تشريعي ، فالجمعية التأسيسية يجب أن تخرج بوثيقة متفق عليها و مرضي عنها و مقبولة من الجميع عكس المجلس التشريعي الذي يصدر القوانين حسب الأغلبية المسيطرة عليه هذه قصة يجب أن يفهمها السادة أعضاء المؤتمر الوطني العام و لا يخدعهم أحد و لا يقبلون إلا ما يحصل التوافق و الإجماع الوطني عليه مع مراعاة ضرورة العدالة بين المناطق و الأقاليم و احترام خصوصيات بعض الأخوة و الشركاء لنا في الوطن.
و عندما يتم إن شاء الله الانتهاء من الدستور الدائم لبلادنا ، يجب أن يتم الاستفتاء عليه في المحافظات أيضاً حيث يتم التصويت عليه بالاستفتاء من نفس الأشخاص الذين انتخبوا أعضاء المؤتمر الوطني العام و يجب أن يتحصل على 60% من عدد المصوتين في ثمانية من العشر محافظات على الأقل ، و بهذه الأغلبية سيكون لدينا دستور دائم و متفق عليه و سيبقى لفترة طويلة دون تعديل أو مساس به.
بالتأكيد هذا الدستور الذي نأمل أن يتم بهذه الطريقة الديمقراطية الحقيقية التي سيكون الشعب الليبي كله راضي عنها ، ربما لا يرضى عنها الناس المستعجلين أو الذين يخططون ويبحثون و هؤلاء للأسف كثر في بلادنا من أجل أن يبقوا في السلطة و يستمروا فيها و بطريقة بعيدة عن الأنظار، إن ما رأيناه خلال الشهور الماضية يجعلنا نعتقد بأن كل شيء ما زال في خطر ، فقد رأينا أن هناك من يسعى بكل الوسائل للبقاء و رأينا خلال الفترة السابقة كيف أن وجوه الطاغية مازالت ممسكة و مسيطرة صحيح ربما ليس لمصلحة الطاغية و لكن لمصلحتها هي و لهذا فإن سير الانتخابات و وضع الدستور يجب على الشعب أن يكون يقظ و منتبه و على كل تشكيلات المجتمع المدني و الثوار أن تبقى في الساحة حتى الانتهاء من البناء فإننا لم نبدأ ببناء شيء حتى اليوم غير الشباب و الثوار الذين يقدمون الدماء.
و هنا لا أريد الحديث عن تفاصيل الدستور الذي سيوضع ، و إنما لي فقط، رأي في كيف يحكم الشعب الليبي بالديمقراطية و صناديق الاقتراع بلاده و لهذا فقد رأينا في الصفحات الأولى كيف كان النظام الاتحادي في بلادنا ثم انتهي إلى نظام المحافظات العشر ، وحول هذه الأخيرة أريد الوقوف لبعض الوقت ، لقد قلت لماذا العودة إلى هذا القانون و لهذا لن أكرر ذلك و لكن الذي أتمناه أن يتم اعتماد التقسيم الإداري للدولة الليبية إلى عشر محافظات بالحدود التي صدر بها قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 ابريل 1963 ( الجريدة الرسمية العدد الأول 25 أبريل 1963) ثم المرسوم الملكي بالقانون رقم 8 لسنة 1964 بشأن الإدارة المحلية (جريدة رسمية عدد خاص 31 أغسطس 1964) و يتم هذا الاعتماد في صلب الدستور الليبي الجديد ، حيث يتم النص على أن الدولة الليبية تقسم إلى عشر محافظات أو مقاطعات تتمتع بالاستقلال الإداري و المالي و يكون لها مجلس المحافظة يتم انتخابه من سكان المحافظة و له اختصاص انتخاب المحافظ و إقرار الميزانية و الحسابات الختامية للمحافظة و إصدار التشريعات ذات العلاقة بالأمور التالية في نطاق المحافظة :-
1- التقسيم الإداري داخل المحافظة و تحديد البلديات .
2- العمران
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق