الخميس، أغسطس 18

ذاكرة الايام ( ابراهيم امنينة )

3 : محاولة انقلاب 1961
بقلم : ابراهيم السنوسي امنينة

ويمضي رئيس الوزراء الأسبق في روايته لموضوع آخر أكثر خطورة وأخطر موضوعية فيقول:
هذه هي القصة الكاملة لأول محاولة انقلاب عسكري خلال عام 1961 في ليبيا ضد النظام الملكي الدستوري.
خلال فترة رئاستي للحكومة في نوفمبر 1961 حدثت مشكلة كبيرة داخل الجيش الليبي، كادت تؤدي إلى وقوع انقلاب عسكري. كنت في مدينة طرابلس وتركت الملك بها وانتقلت إلى مدينة البيضاء شرق البلاد، اتصل بي الدكتور علي الساحلي رئيس الديوان الملكي يوم 22 نوفمبر 1961 وأخبرني أن الملك يطلب مني إعداد مرسوم بإقالة اللواء السنوسي الأطيوش من منصبه كقائد للجيش مع بعض كبار الضباط ومحاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى، فوعدته بإعداد المرسوم وإحضاره بنفسي إلى الملك، وذلك لسد الطريق أمام تدخلات رجال القصر، وفي الوقت نفسه أمر الملك سكرتيره الخاص بالاتصال بقائد قوة دفاع برقة الفريق محمود بوقويطين وطلب منه مراقبة تحركات ضباط الجيش بطريقة سرية، فما كان من الفريق بوقويطين إلا أن أرسل مجموعة من القوة المتحركة وطوق مبنى هيئة الأركان في بنغازي لأن القوة التي تحت تصرفه كانت مسلحة تسليحاً كاملاً ومدربة تدريباً جيداً.
وقبل أن استطرد يلزم أن أوضح خلفية أساسية في العلاقة بين قائد الجيش وقائد قوة دفاع برقة ( يعني قوة البوليس أي الشرطة).
كان اللواء السنوسي الأطيوش والفريق محمود بوقويطين قد عملا معاً في الجيش السنوسي الذي كان قد تأسس إبان الحرب العالمية الثانية وشارك مع قوات الحلفاء في هزيمة المحور الذي منه إيطاليا. وبعد استقلال برقة الداخلي، أنضم بوقويطين والأطيوش إلى قوات الأمن في إقليم برقة، ورغم أن الأطيوش كان أعلى رتبة من بوقويطين، إلا أن حكومة برقة بإيعاز من المرحوم إبراهيم الشلحي الذي هو صهر بوقويطين والذي هو ناظر الخاصة الملكية آنذاك- عملت أي حكومة ولاية برقة- على ترقية بوقويطين وتهيئته ليكون قائداً لقوات أمن برقة وهذا ما أدى إلى خلق مشكلة لحكومة ولاية برقة بعد إعلان استقلال ليبيا ، مما أضطر والي برقة السيد حسين مازق في عام 1953 أن يطلب من الحكومة الاتحادية حلاً للمشكلة وذلك بنقل السنوسي الأطيوش إلى وزارة الدفاع. وتزامنت تلك الواقعة مع قرار الحكومة الاتحادية فتح مدرسة عسكرية في مدينة الزاوية الغربية لتكوين ضباط عسكريين كنواة للجيش الليبي، وتم تعيين السنوسي الأطيوش في تلك المدرسة، ومنذ ذلك الوقت نشأت حساسية بين الرجلين، ولذا لم يقبل الأطيوش مطلقاً أن تتم محاصرة قواته وضباطه داخل المعسكر أو هيئة الأركان بواسطة غريمه القديم محمود علي بوقويطين ( انتهى توضيح خلفية العلاقة بين هذين الضابطين).
نعود إلى تاريخ 22 نوفمبر 1961م ونستطرد:
اتصل سكرتير الملك إدريس أيضاً بفاضل بن زكري والي طرابلس آنذاك وطلب منه باسم الملك مراقبة قوات الجيش المتمركزة في طرابلس، بيد أن السيد فاضل بن زكرى أخبره بأنه لا يملك القدرة على التدخل في شئون الجيش وكانت هذه الاتصالات تتسم بالسرية التامة، ولم أعلم بها إلا بعد أن تطورت الأمور ووصلت إلى جهاز أمن الدولة الذي يتبع رئاسة الحكومة.

الحلقة الجديدة  بعنوان :

4- حكمة تفشل مكائد


ليست هناك تعليقات: