الجديرون بالولايـــــة
بقلم : إبراهيم السنوسي امنينة
حكاية اللغط والجدل الحاصل حول مسلمات مثل "الجديرون بالولاية" ومن هم أولي الأمر المقصودون في الآية ...
جاء في سورة النساء: (الآية 59)
بسم الله الرحمن الرحيم
"أطيعوا الله والرسول وأولى الأمر منكم" صدق الله العظيم.
فمن هم أولي الأمر المعنيون بالآية؟.
إن هذه المقالة هي لانتباه شيوخ الدرهم والدينار ومنافقي السلطان في إعلام المشعوذ وإذاعة القنفوذ وعلى رأسهم " الشبح" (ع.ب.ص.)، وهو أشهر من نار على علم في عالم نفاق السلاطين.
لما ولي أبوبكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه وهو خليفة رسول الله (ص) وهو أول الخلفاء الراشدين – خطب في الناس فحمد الله واثني عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس قد وليت أمركم ولست بخيركم، لكن أنزل الله القرآن الكريم وسنّ النبي (ص) السنن فعلّمنا فعلمنا، وأعلموا أن أكيس الكيس التقوى وأن أحمق الحمق الفجور، وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه. وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق، أيها الناس إنما أنا متّبع ولست بمبتدع، فإن أحسنت فأعينوني وإن زغت فقوموني.
ولما ولي عمر بن الخطاب الخلافة، وهو الخليفة الثاني، رضي الله عنه وارضاه، قام في الناس خطيباً فقال:
إن الله ابتلاكم بي وابتلاني بكم وأبقاني فيكم بعد صاحبيّ محمد (ص) ، أبي بكر (ر)، فوالله لا يحضرني شئ من أمركم فيليه أحد دوني، ولا يتغيب عني فآلوا فيه (أقصّر) عن الجزء والأمانة (الكفاية والكفاءة) لئن أحسنوا لاحسنن إليهم ولئن أساءوا لانكلن بهم وقال الراوي فوالله مازاد على ذلك حتى فارق الدنيا.
والسؤال هو: هل جاء القذافي وأصبح رئيساً بنفس الأسلوب الذي جاء به أبوبكر وعمر رضي الله عنهما ليصبح ولياً فعلياً جديراً بالطاعة والاتباع كما أمرنا الله في الآية الكريمة المذكورة؟.
الإجابة بالطبع لا!! فكيف جاء ؟
دعونا نتعرف على كيفية مجئ واستخلاف هذين الراشدين أولاً لكي نتوصل إلى استحقاقهما للولاية على المسلمين واكتساب صفة أولي الأمر ومن ثم طاعة المسلمين لهما، فكيف تم ذلك؟.
أولاً: استخلاف أبي بكر: اجتماع السقيفة والتزاحم على الخلافة بين المهاجرين والأنصار حيث تداعى وتنادى الخزرج – وهم أحد حزبي الأنصار – إلى الاجتماع في سقيفة بني ساعدة ليختاروا زعيمهم سعد بن عبادة خليفة للمسلمين، فعلم بالأمر عمر بن الخطاب وأبوبكر فسارعا إلى السقيفة ومعهما نفر من قريش، وقام حوار بينهم وبين الخزرج، وكانت حجة هؤلاء والأنصار أنهم آزروا النبي (ص) ونصروه فهم أحق الناس أن يكون خليفته منهم، وكانت حجة الجانب القريشي أحاديث الرسول (ص) التي تدل على أن الخليفة ينبغي أن يكون قريشياً ومنها قوله: (الأئمة من قريش) ولما اشتد الجدل وعلت الأصوات تقدم عمر إلى أبي بكر وبايعه وتبعه من قدم من القريشيين، وعلم الأوس ، وهم القبيلة الأخرى من الأنصار، بالأمر فجاءوا وانضموا إلى الجانب القريشي وبايعوا أبابكر، وانتقل هذا الأخير إلى المسجد فبايعه الناس، وكانت مبايعة أبي بكر، تنفيذاً لإيعاز الرسول (ص) بأن يقوم أبوبكر بالإمامة عندما مرض الرسول (ص) وكان ذلك يعني ضمنياً أنه أي الرسول (ص) قد استخلف أبا بكر في حياته على أن يكون الخليفة الأول من بعده. إذن فكيف تم استخلاف خليفة المسلمين الأول أبي بكر الصديق.
تم استخلافه عن طريق التعيين من قبل الرسول (ص) والانتخاب الديمقراطي بالبيعة في السقيفة والمسجد.
ثانياً: أما استخلاف عمر بن الخطاب فقد عهد أبوبكر أثناء مرضه بالخلافة إلى عمر بن الخطاب، وكان قد استشار فيه عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان فذكرا فضله وحمدا رأي أبي بكر، غير أنهما نوها بشدته، فقال أبوبكر: لو أفضى الأمر إليه لترك كثيراً مما هو عليه، ثم ظهر أبوبكر للناس في المسجد وقال لهم هل ترضون بمن استخلف عليكم، فما ألوت من جهد الرأي ولا وليت ذا قرابة، وقام علي بن أبي طالب وقال: لا نرضى إلا أن يكون عمر، فقال أبوبكر هو عمر فأسمعوا له وأطيعوا ثم أحضر أبوبكر عمر وقال له إني قد استخلفتك على أصحاب رسول الله (ص) وأوصاه بتقوى الله وعندما توفى أبوبكر بايع الناس عمر بمن فيهم علي بن أبي طالب ومعه بنو هاشم وتولى القضاء (وزارة العدل) طيلة مدة خلافته.
إذاًَ فقد تم استخلاف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بنفس الأسلوب بالاقتراع المباشر والبيعة (أي الاستفتاء) بلغة العصر.
هكذا جاء الخليفة الأول والثاني عن طريق البيعة والاستفتاء وهكذا استحق كلاهما أن يكون ولياً فعلياً جديراً بالطاعة وحرياً بالاتباع، واستحقا أن تنطبق على كليهما الآية الكريمة التي تصدرت هذا الموضوع من سورة النساء.
فكيف جاء القذافي؟ هل جاء بالبيعة أو بالانتخاب أو بالاستفتاء؟ هل عينه أو رشحه الولي الأسبق الملك إدريس؟ طبعاً لا.
الكل يعلم كيف جاء ومن الذي أتى به وماذا فعل بالأمة طيلة أربعة عقود أو يزيد، ولا داعي لسرد ما فعل من دمار وقتل مادي ونفسي ومعنوي، وليس موضع ذلك في هذه المقالة، بل ما علينا إلا أن نقرأ فيما تقدم الخطابين السياسيين وما ورد فيهما من عهد الخليفتين الراشدين مثل: فإن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوموني كما جاء في خطاب أبي بكر الصديق. وكما جاء في خطاب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مثل: ولئن أحسنوا لأحسنن إليهم ولئن أساءوا لأنكلن بهم.
ونتساءل: هل مر بنا مثل هذا الخطاب فيما مضى من خطابات تعد بعشرات المئات على مدى اثنتين وأربعين عاماً؟، وتأتي الإجابة في منتهى الصدق أن الخطاب الوحيد والواضح والذي حسم قضيته معنا بشكل نهائي وترتب عليه ثورة الحسم والغضب جاء بعد مرور اثنتين وأربعين عاماً عندما سألنا :
من أنتم أيها الجرذان ؟ وكانت هي بمثابة الضربة القاضية.
وهل هذا المتسلل جدير بأن يكون ولياً حري بنا أن نتبعه؟ وأن يكون هذا هو المقصود بالآية الكريمة المذكورة؟.
لا أظن ذلك أيضاً.
والله من وراء القصد
إبراهيم السنوسي امنينه
المراجع:
طبقات ابن سعد.
ابن حجر العسقلاني.
ابن جرير الطبري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق