السبت، أغسطس 20

حصريا ذاكرة الايام5 ( امنينة )

دور عبدالناصر في انقلاب 69 المشئوم

بقلم : ابراهيم السنوسي امنينة  

               ( 2-  زيارة هيكل )

وكان مطار بنغازي غارقاً في الظلام حين اقتربت طائرتنا منه ثم اضيئت بعض أنوار أحد ممراته لتكشف عن سيارات مصفحّة تقف على جانب الممّر، وحين نزلت من الطائرة وجدت في استقبالي مصطفى الخروبي الذي علمت فيما بعد أنه عضو في مجلس الثورة الليبي.
وحين تقدمت منه أقدم نفسي احتضنني وهو يبكي ويقول " أني لا أصدّق عيني "  وتوجهنا إلى القنصلية المصرية حيث راح يروي لي كل شئ عن الثورة. قال أننا كلنا مؤمنون بعبد الناصر فسألته عمن يكون قائد الثورة فقال : " ستراه الليلة قـبل أن تعود. ( كنت قد رتبت العودة في صباح اليوم التالي ) " أنك لاتستطيع أن تتخيل مدى طهارته ( قالها الخروبي يقصد الطاغية ) ثم سألته عن رتبته فقال إن رتبته أقل من رتبتي لأنه تعرض للعقاب .. وكان نقيباً مثلي غير أنه أنزل إلى رتبة ملازم أول " وواقع الحال إن ترقيته تأجلت عن موعدها ورقي الملازمون الأوائل إلى نقباء ، وحرم هو ودخل السجن العسكري بعد إجراء تحقيق عسكري بواسطة الرائد خليل جعفر ، مسئول المخابرات في الجيش ، الذي سجنه الطاغية 18 عاماً بعد نجاح الانقلاب، وترجع أسباب الحرمان من الترقيه والسجن إلى أنه كان قد أسرف في تعذيب أحد العناصر من أفراد معسكره " وأمر الجنود أن يطؤونه بأقدامهم عدة مرات مما تسّبب في كسر " تارقوته " واسم الجندي هو عمر الصادق الورفلي المخزومي( وهو مطرب معروف) الذي نفّذ فيه حكم الإعدام عام 1977 مع مصري آخر بتهمة التخابر مع مصر- أي الخيانة العظمى- والكل يشهد بأن عمر هذا لم تكن له أية علاقة " بالسياسة ولم يكن يتعاطاها وعندما استقال من الجيش فتح محلاً لبيع ملابس الأطفال بشارع العقيب في بنغازي ، وكان في عزّ شبابه وكل اهتماماته الغناء والرحلات والموسيقى والضحك والنكات والعيش ليومه فقط ويعول أسرة .
غير أنه لم ينج من ملاحقة الطاغية إلى أن وجدوه وقبضوا عليه ولفقوا له تهمة الخيانة العظمى وأعدمه إنتقاماً من تسببّه في تأخيـــر ترقيته إلى نقيب في يـوم ما " وليش زعلان يا معمر فإنك رقيت نفسك بنفسك إلى رتبة عقيد مرة واحدة بعد فترة وجيزة عندما أصبحت رئيساً للبلاد ".
هذا هو الذي قال عليه الانقلابي الغبي الخروبي لهيكل : " أنك لاتستطيع أن تتخيل مدى طهارته " وأيّ  طهارة !!!  ونعود لنستطرد : " وفي نحو الساعة الثانية صباحاً يقول هيكل جاء معمر القذافي إلى القنصلية وكانت الصدمة بالغة لنفس حين رأيته ( لاحظ الغزل العذري) فقد كان في مقتبل الشباب وراودني التفكير في أنه ربما كان في الأمر خدعه ،
 وأن هذا الشاب لايمكن أن يكون قائداً لثورة ناجحة . لكنني غيرّت رأي بمجرد أن بدأ يتكلم : فقال : انه وأخوانه الضباط يريدون وحدة مع مصر، وأنهم مستعدون للوحدة، وأكد أنه كان يتتبع كل ما يجري في العالم العربي وأنه يعرف أن عبد الناصر يبحث عن جبهة ثانية ضد اسرائيل وأضاف: لكنه ينسى العمق. إن ليبيا هي العمق إن لدينا مئات الأميال من الساحل على البحر الأبيض المتوسط.. لدينا المطارات.. ولدينا المال.. ولدينا كل شئ ( لاحظ كيف يحاول بيع البلد في صفقة خاسرة من أول يوم استولى فيه على السلطة ومع من ؟ ومن هو شريكه في الصفقة : الذي باع السودان عام 1954 في صفقة مع الانجليز ليتم الجلاء عن مصر ويتحصل على لقب بطل الجلاء ، والذي دخل في حرب وهو ليس لها وغرّر بالآخرين الذين صدّقوه : الملك حسين والرئيس حافظ الأسد إذ راحت القدس والضفة والجولان وفقد هو فوق كل ذلك أرض سيناء وقناة السويس، هذا هو الخاسر الكبير حاكم مصر يعرض عليه الطاغية الصغير صفقة أخرى لكي تعم الخسارة وتغطي الجميع ) يقول هيكل : ويستطرد معمر القذافي : قل للرئيس عبد الناصر أننا قمنا بهذه الثورة (من أجله) وأنه يستطيع أن يأخذ منا كل شئ وكل ما نملك ويضيفه إلى مصادر العالم العربي الأخرى لاستخدامه في المعركة .
يتبع في حلقة جديدة ( نصف الحقيقة )..

ليست هناك تعليقات: