ما هكذا تورد الابل يا هيكل !
بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه
(الحلقة الأولـــــــــــــــــــــــــي)
طالعتنا منذ أيام قليلة صحيفة الأهرام المصرية بمقال وكذلك قناة الجزيرة بمقابلة مع كاتب المقال الأستاذ الصحفي المخضرم محمد حسنين هيكل وهو يتحدث بسلبية حاقدة عن ثورة 17 فبراير ويتساءل أين كان الشعب الليبي طيلة العقود الأربعة الماضية ، بل وتنبأ بسوء الحال وضياع الأموال و(طياح المزّال) بالنسبة لمستقبل ليبيا التي تتهدّدها حروب اهلية وقبلية طاحنة لاتعرف لها نهاية وسوف تجرّ المنطقة كلها إلى أتون حرب ليس لها قرار وسوف يمضي زمن قبل أن تعرف الاستقرار.
وأنا اسأله بدوري نفس السؤال أين كان شعب مصر (25 يناير 2011) طيلة ثمان عشرة عاماً من حكم الحديد والنار أيام عبد الناصر وثلاثين عاماً من حكم الفساد والرشوة والعناد ايام حسني ذى الأوتاد وعائلته ؟ أنها الشعوب الصابرة البطلة يا أستاذ هيكل وأنها الأيام !! قال تعالى في كتابه العزيز " إن يمسسكم قرح فقد مّس القوم قرح مثله ، وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لايحب الظالمين – وليمّحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، أم حسبتم أن تدخلوا الجنــة ولماّ يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين. "صدق الله العظـــيم" آل عمران 140-142.
وأبشـع من ذلك فإن هذا الأستاذ صرّح في سياق حديثه ومقالته بأن ما حدث في ليبيا في فبراير الماضي ليس بثورة شعبية ، إذ أنه ، في رأيه، لولا حلف شمال الاطلسي (NATO) لما سقط نظام صديقه القذافي ( وصديق عبد الباري عطوان وحسن نصر الله وأحمدي نجادي وبشار سوريا، وبوتفليته الجزائري)ولما نجحت الثورة ، وحول هذه النظرية الهيكليــة التي لايوجد لها صنو أو أساس ترتكــــز عليه- مثلها مــثل ( النظرية العالمية الثالثة العتيدة) – أفيد هذا الهيكل المتفكك أولا وقبل كل شئ بأن حوالي ثلث ليبيا من الجهة الشرقية أي غرب مصر كان قد تحرّر بسقوط حصن القذافي الحصين في بنغازي الذي كان يطلق عليه تجاوزاً " كتيبة الفضيل" يوم الأحد 20 فبراير 2011 أي بعد ثلاثة أيام من انتفاضة ثوار بنغازي عراة الصدور في مواجهة اعتى ترسانة استغرق بناؤها وتأسيسها أكثر من عقود أربعة وعلى رأسها من هم أعتي وأقسى من صلاح نصر وحمزة بسيوني وصفوت الروبي وآخرين تعرفهم يا هيكل جيداً، تلاها بعد ستة أشهر بالتمام أي يوم 20 أغسطس 2011 الموافق 20 رمضان (ذكرى فتــح مكـــة) سقوط حصن الطاغوت وملجأه وملاذه في العاصمة طرابلس( باب العزيزية).
وبعد شهر واحد بالتمام أي يوم 20 سبتمبر 2011، سقطت سبها عاصمة الجنوب وبعد شهر واحد بالتمام والكمال أي يوم 20 أكتوبر 2011 حصل إعدام القذافي وولده المعتصم، وسقط النظام، فإلى حيث حطت رحلها أم قشعم !!
وتأمل أيها السيد المخضرم الحكمة من تكرار نفس الرقم في تواريخ الانتصارات المتوالية.
20 فبراير- 20 أغسطس- 20 سبتمبر – 20 أكتوبر
أي : سقوط حصن الكتيبة في بنغازي- سقوط حصن العزيزية بالعاصمة – ثم سقوط سبها عاصمة الجنوب- تلاها إعدام القذافي وابنه !! والله أكبر سبحان الله.
إذن فقد تحّرر ثلث ليبيا من ناحية الشرق قبل أن يأتي حلف شمال الاطلسي بخمسة وعشرون يوماً بالتمام والكمال- ومن المعروف أن هذا الحلف كان قد تدخل لحظر الطيران في الأجواء الليبية لحماية المدنيين في ليبيا بناء على قرار كان قد صدر من مجلس الأمن رقم 1973 يوم 17 مارس 2011 بعد قيام الثورة بأربعة أسابيع وفي يوم السبت 19 مارس 2011 هاجمت ارتال كتائب القذافي بنغازي المحّررة والآمنة وقتذاك على امتداد خمسين كيلومتراً آتيةً من الغرب تشتمل على راجمات صواريخ وآليات ودبابات محمولة على سكاميلات وعربات مصفحة وعربات رباعية الدفع تحمل مدافع مضادة للطائرات وحاملات جنود ومرتزقة مزودين بحبوب VIAGRA فياغرا- وكان الهدف الأساسي من هذه الحملة الغزوة تدمير بنغازي وتسوية مبانيها ومنشأتها بالأرض وتخريب مصادر الطاقة من مياه وكهرباء وكذلك قصف صوامع مساجدها ونهب أسواقها وتخريب مستشفياتها ومدارسها وفوق ذلك اغتصاب حرائرها- صبيحة ذلك اليوم السبت 19/3/2011.
ثم بعد الفراغ من هذه المهمات التوجه شرقاً لاكتساح وتدمير المناطق الشرقية الساحلية إلى غاية طبرق وحتى الحدود مع مصر وإغلاقها في وجه الليبيين منعاً من اللجــوء إليها وفي وجه المصرييـــن منعاً لأي إمداد إنسانــي من أي نــوع (غذاء- كساء- دواء) في مواجهة غزو كتائب القذافي تماماً كما حدث في العشرينيات من القرن الماضي عندما حاصر المحتل الايطالي المناطق الشرقية وقام بتسييجها بسياج كهربائي من ناحية الحدود مع مصر.
سنتناول تفكيك هذا الهيكل المدعي ونعيده إلى عوامله الأولى في الحلقة القادمـــة فإلى اللقاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق