ذاكرة الأيام – 8
1- دعوة إلى تعديل في الميولات
بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه
السؤال الأول : هل "طالبان" قادمون ؟
والإجابة نعم : أكاد أشتمّ هبوب نسائمهم، وعطور مسكهم في أفق ليبيا الجديدة، وتظهر أعراض ذلك في بعض مواقف لشخصيات تبحث عن مؤلف درامي أفغاني عراقي ومنتج أمريكي بريطاني أوروبي، تبّدت لنا مؤخراً في تصريحات مريبة غريبة جريئة لإحدى هذه الشخصيات على إحدى القنوات الأوروبية- تصريحات تبحث عن نصيبها من الكعكة، وتتهجم على بعض رموز ثورتنا الحرة بل وتطالب بتنحيهم تماماً كما تبحث دول مثل الصين التي عقدت صفقات لتزويد نظام الطاغية بالسلاح والمقاتلين، واستمرت في ذلك إلى شهر يوليو الماضي، أو دولة مثل تركيا التي تباطأت في الإعلان عن موقفها من ثورة 17 فبراير حتى شهر مايو الماضي عندما حسمت أمرها لما تأكدت من أن "العملية جدّيات وما عادش فيها" ومثل جارتنا الشرقية العزيزة التي لا تزال واقفة في مفترق الطريق وممسكة للعصا من منتصفها بيد، وبيدها الأخرى "سفنـّاريه"، لكنها ومنذ أسابيع أمسكت العصا من طرفها وكشرت عن أنيابها وحسمت أمرها ووقفت إلى جانب الطاغية وبوقه شاكير عندما رفضت :
أولاً تجميد الأموال التي تعدّ بالمليارات وهي من دماء الشعب الليبي وفي حساب "مايكل جاكسون" القذافي، أو البلاى بوى الليبي THE LIBYAN PLAY BOY – المسمّى تجاوزاً : أحمد قذاف الدم، وثانياً برفضها تنفيذ حكم صادر عن المحكمة المختصة في القاهرة قبل سقوط الطاغية بأكثر من شهر يقضي بوقف بث حوالي (16) قناة فضائية تابعة لقمر نايل سات المصري، وذلك باعتبارها مركزاً إعلامياً ودعائياً خطيراً لنظام الطاغية، علماً بان الحكم المذكور كان مشمولاً بالنفاذ المعجّل، كما أن قاضي الاستشكالات المصري قد رفض أيضاً طلباً لمايكل جاكسون القذافي يستشكل فيه الحكم، إذن : فلم يبق إلا التنفيذ (للمزيد من التفصيل، انظر الحلقة (3) من سلسلة ذاكرة الأيام – صفحة 4 و5 ).
وتمضي الأيام تطوي ليسقط حصن الطاغية وملجؤه الآمن يوم فتح مكة في 20 من رمضان الماضي الموافق 20 أغسطس 2011م حيث فرّ كالجرذ المذعور ناسياً كل شيء حتى صولجانه الذهبي وبزّته العسكرية الكاملة المطرزّة بالأحجار الكريمة والنفيسة إذ خرج مذعوراً هو وأبناؤه لا يلوى على شيء عن طريق سرداب مخصصّ لهذه المناسبة التي قضى أكثر من أربعين عاماً يستعّد لها – كما لو كان قد شبّ حريق في مسكنه وخرج طالباً النجاة :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها \إن السفينة لا تجري على اليبس
لكنه لم ينسى أن يتصل بأحدب القاهرة – حامى طنطا- ويأمره بإقفال وإلغاء كل الذبذبات الخاصة بتلك القنوات خشية أن يستغلّها الثوار من بعده للدعاية لثورتهم التي فرّ خوفاً منها على حياته، مهدّداً إياه بأن "مايكل جاكسون" سوف يوقف صرفه للجراية الشهرية المخصصّة له بالدولار، والتي كانت مخصصّة لحسني مبارك وعمر سليمان خلال "ماضى تولىّ" ((وللمزيد من التفاصيل حول هذه الجزئية انظر الحلقة 3 من ذاكرة الأيام للكاتب- الصفحات 3 إلى 5)) .
وبالفعل قام "حامى طنطا" بتنفيذ أوامر الطاغية وإغلاق الذبذبات (( وهذا باعتراف المدير الجديد المكلف من قبل الثوار بإدارة محطة الإعلام الفضائية الليبية – اليوم 07/09/2011)) .
واليوم كذلك 07/09/2011، أعلنت دولة الصين بتصريح يفيد (بأنها سوف تعترف بالمجلس الانتقالي في الوقت المناسب) وهل هناك دولة أغبى من هذه الدولة ذات السور العظيم ؟ وكانت قد سبقتها زمبابوي منذ يومين فقط بقولها : (لن نعترف بالمجلس الوطني الانتقالي، ولن نوافق على تسييل الأموال المجمدّة الخاصة بليبيا) .
وأنا أمسك عن الكلام فيما يتعلق بموقف الحكومة الجزائرية "حكومة الجنرالات" وغبائها فيما مضى حيث أنها تابت وأنابت، وتذكّرت مواقف الطاغية في زمن مضى وسياساته الغبية تجاه العلاقات الجزائرية المغربية البوليزارية ومغامراته الصبيانية من جهة وبين مستقبل العلاقات مع ليبيا الجديدة ومصالحها معها كجارة، وحسمت أمرها، بعد أن كانت في غيبوبة .
أما جارتنا الشرقية فإني لست مع تصريح السيد المستشار الرئيس مصطفى عبد الجليل القائل بأن "لكل دولة ظروفها" ، بل أقول : كنت أتمنى لمصر الجارة العزيزة- التي يربطنا بها اختلاط دماء ومصاهرة، ولا ننسى مساعدة الأمير طوسون لنا عندما كانت ليبيا تمرّ بظروف غاية في القسوة خلال الحرب العالمية الأولى عام 1917 وخلال حرب التحرير ضد الطليان إذ كانت أيام الملك فؤاد ملجأً وملاذاً للساسة والمجاهدين الليبيين من شرقها وغربها ومن جبالها وشمالها، وعلى رأسهم ملكنا السابق "إدريس السنوسي- رحمة الله عليه"، الذي منحته مصر الإقامة لديها مع توفير كافة إمكانيات الاتصال بالمجاهدين وعلى رأسهم الشيخان (عمر المختار وعبد الحميد العبار) وغيرهم كثر – وذلك لتوفير التنسيق اللوجستي والتموين – رغم احتجاج إيطاليا لدى الملك فؤاد الإيطالي الأم. ولكن حتى الشعب الليبي بكافة شرائحه كان له من المواقف والوقفات المشرّفه والكريمة لا أرى داعياً لذكرها والتفاخر بها إلا أنني أجد نفسي مضطراً لإحالة القارئ على "صفحة 6 من سلسلة ذاكرة الأيام – 5 للمزيد من التفاصيل حول هذه الجزئية" .
نعم ، كنت أتمنى من مصر الغالية ألاّ يكون موقفها مثل موقف زيمباوي، والصين وألا تحذو حذوهما في عدم الاعتراف بليبيا الجديدة- أو حتى التخلّف عّمن سبقوها في الاعتراف مثل إيطاليا وفرنسا وباقي أوروبا وقطر والأردن والإمارات، فماذا تنتظرين يا أرض الكنانة ؟
نعود إلى السؤال الأول فنستطرد :
فنحكي عن الشخصية التي تبحث عن نصيبها في الكعكة، وتحدثنا عن دول سلكت مسلكاً ذكياً منذ البداية مثل فرنسا وإيطاليا، ونحت منحاها بقية الدول الأوروبية ثم ثلاثة دول عربية ثم معظم دول أوروبا الشرقية ثم مؤخراً روسيا، وكانت تركيا قد سبقتها بأشهر قليلة ثم حوالي منتصف دول القارة الإفريقية، ثم مؤخراً جاء اعتراف تونس وكانت هذه الدولة الجارة الشقيقة قد وقفت إلى جانب الشعب الليبي مواقف إنسانية لن ننساها مدى الحياة وذلك بتوفير المأوى والملجأ والمطعم والدواء والعلاج للمرضى والدفاع عن اللاجئين ضد غارات وهجمات واعتداءات راجمات وهاونات كتائب الطاغية، وذلك بواسطة حوّامات مسلحة تحوم على الحدود المشتركة للاستكشاف والتمشيط بغرض درء خطر الهجوم الكتائبي على الحدود الشرقية في وازن وذهيبه وتطاوين
..... يتبع في الحلقة القادمة بعنوان 2- أسئلة محيّرة تبحث عن إجابات:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق