الأربعاء، أكتوبر 26

حصريا :( ابراهيم امنينة ) سلسلة ذاكرة الايام

ذاكرة الأيام – 11
 بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه
 الحلقة الرابعة عشر :
     تحدثنا في الحلقات السابقة 11،12،13 من هذه السلسة رقم (11) عن الشرَك الذي نصُب للعقيد سعد الدين اشويرب برواية وسيناريو تختلف عن رواية أخرى رواها نفس العقيد لشخص آخر له كل المصداقية وحائز على كل ثقة صاحب هذه السلسة، وهذه الرواية لم يُذكر فيها اسم صالح بويصير ولا اسم يحي عمرو سعيد الأمازيغي والذي قيل أنهما استقبلاه في تونس لدى وصوله مطار تونس قادمان من روما، وتوجد سيارة مع سائق ليوصله براً حيث ليبيا إلى رئاسة الأركان العسكرية بمعسكر باب العزيزية، وداخل السيارة توجد بدلة عسكرية كاملة القيافة برتبة عقيد ليرتديها ويدخل بها طرابلس وبالتحديد قيادة الأركان بمعسكر باب العزيزية ويتسلمّ عمله ويقود الثورة من مكتبه هناك.
 في الرواية الأخرى التي يرويها هو بلسانه  مختلفة تمام الاختلاف وإلى حدّ الخيال، ولنستمع إلى ما يقول :
   حيث كنت بالخارج صبيحة أول سبتمبر 1969، علمت عن طريق جرايد المدينة أن انقلاباً عسكرياً قد جرى في ليبيا، مع نشر صورتي وإيراد إسمي كقائد لذلك الانقلاب.
  وتلخيصا واختصاراً لتسلسل الأحداث فإنني وجدت نفسي أستقلّ طائرة أقلتّني من روما إلى تونس ومنها إلى طرابلس عن طريق البرّ وهناك قيل لي أنه لا بد من أن تسافر إلى بنغازي لأن الملازم معمر القذافي يود التحدث إليك من مقر قيادة الثورة هناك.
   وعند وصولي هناك جلست في غرفة جلوس قالوا لي أن القائد (الملازم). معمر سوف يقابلك بعد قليل. وما هي إلا دقائق حتى سمعت رنين جرس هاتف موجود في غرفة مجاورة، وبعد ثواني دخل على أحد العسكريين قائلاً : أن هناك من يريد التحدث إليك عبر الهاتف (الذي سمعت رنينه في الغرفة المجاورة) فدخلت الغرفة التي ليس بها أحد وحسبت الذي يريد مخاطبتي على الهاتف هو الملازم معمر القذافي، غير أنني ذهلت ودهشت وانتابتني الحيرة والذعر معاً عندما علمت بأن المتحدث كان صوت جمال عبد الناصر وحاولت أن أستوعب تلك النقلة المفاجئة المحيّرة فلم أستطع إلا أن استسلم وأحاول استعادة ضبط نفسي، وأحاول أن أستمع دون الحاجة لأن أفهم وذلك من هول الصدمة أو المفاجأة مما قاله لي عبد الناصر في تلك الدقائق القليلة عبر الهاتف :
" شوف يا عقيد سعد : أولاً مبروك عليكم الثورة وقيادتها، عاوزك تكون حضرتك على رأس العمليات وتقود هؤلاء الشباب من الضباط الوحدويين الأحرار وأرجو اعتبارهم زي إخواتك الصغار عشان همّه كويسين ومخلصين للوطن بس تنقصهم الخبرة، فعليك توجيههم وإصدار الأوامر والتعليمات والتوجهات من هنا، من مصر حيث مكتبك وغرفة العمليات التي تباشر منها قيادتك للثورة وعليه لازم تكون هنا في مصر بأسرع ما يمكن حتى ولوعلى متن طائرة حربية".
  وبالفعل كنت مجتمعاً معه ومعنا ضابط كبير رفيع الرتبة أظنّه ضابط استخبارات*.، وثلاثتنا حول طاولة مستديرة، ويقوم هذا الضابط من آن لآخر برفس رجلي بقدمه بلطف من تحت الطاولة عندما كان عبد الناصر يتحدث إلىّ موجّهاً أوامره وتعليماته بأسلوب القط مع الفار المحاصر مكرّراً توجيهاته التي كان قد أصدرها إلىّ بالهاتف منذ سويعات عندما كنت في بنغازي وعندما طلب مني بإلحاح الحضور إلى مصر بأسرع وقت.
  إنفضّ الاجتماع سألت الشخص الثالث الذي كان يجلس معنا على الطاولة عن السبب لرفسه لرجلي أثناء الاجتماع بالأخ الأكبر فقال لي : لما الريّس يبقى يتكلم ما فيش حدّ يقاطعه وطلباته تبقى أوامر وتوجيهات بدون نقاش. وتذكّرت عندئذ أنني كنت أحاول أن أعرف- بدون مقاطعة- ولكن بإظهار الحيرة والتساؤل : لماذا أعلن هؤلاء الضباط عن أسمائهم- بناء على تعليمات عبد الناصر – وفي نفس اليوم الذي استدعيت يوم الاثنين 8 سبتمبر 1969 ، وما هي الحاجة إلى قيادتي طالما أعُلن عن إسم القائد والأعضاء؟!!
  وظللت قابعاً في ذلك المكتب أياماً حسبتها سنيناً لا أقوم بأي عمل، أقامتي شبه محدّدة، تحركاتي مراقبة ومحصورة إلى أن صدرت الأوامر بتسلّم (وظيفة) السفير الليبي في القاهرة. وفي نهاية هذا التصريح الغامض قال السيد العقيد سعد الدين لصاحبه الذي هو مصدر معلوماتي ومحل ثقتي : هذه المعلومات تمثل فقط 80% من الحقيقة كلها، أما ما تبقى من الـ 20% لا أستطيع التصريح به في الوقت الحاضر.. أرجوك إعفني . كان ذلك اللقاء في العام 2005 !!
   ولعمري لقد تركنا أخونا العقيد سعد الدين في حيرة من أمرنا ونتساءل :
هل مكث الأربعين يوماً في رئاسة الأركان في باب العزيزية ثم طُلب إليه أن يقدم استقالته ويُعيّن سفيراً في مصر كما ورد في الرواية الأولى، أم مكث في مكان ما تحت الإقامة الجبرية (الاختيارية – لأنه هو الذي استقل الطائرة المتجهة من روما إلى تونس ومن ثم إلى ليبيا- طوعاً وليس كرهاً بل اختياراً وليس جبراً) في مصر إلى أن قررّت عصابة الضباط الوحدويون الماسونيون الأشرار بقيادة الأخ الأكبر عبد الناصر  جورج أورويل العصر(1984)؟؟ CONTEMPORARY GEORGE ORWELL قررّت أن  تسلمّه مبنى السفارة الليبية في القاهرة ليقيم فيه لا أن يمارس وظيفته كسفير.
  ومهما يكن من أمر فمن الضروري للقارئ أن يتصفح ما جاء في الحلقتين 5 و 7 من سلسلة "ذاكرة الأيام" تحت عنوان "دور عبد الناصر في دعم وتأييد ورعاية انقلاب سبتمبر 1969 وتهديد الملك السابق إدريس السنوسي بقصف أي طائرة أو سفينة يحاول بها العودة من تركيا إلى ليبيا أيّاً كان الغرض من العودة حتى ولو كان تبرئة نفسه من تهمة الفساد التي حكمت بها محاكم الضباط الماسونيين الأشرار ظلماً وعدواناً وبهتاناً : "ألا ساء ما يحكمون" 
                                                                                           صدق الله العظيم
  

(إلى اللقاء في الحلقة القادمة )Ü .....



   إما حمزة البسيوني، أحد كبار مساعدي صلاح نصر في العهد السابق في منتصف الستينيات، إن كان لا يزال موجوداً ضمن كادر الاستخبارات والحرس القديم، أو، وهو الأرجح الضابط الاستخباراتي رفيع الرتبة المدعو محمد فتحي إبراهيم الديب، وهو من كبار مستشاري عبد الناصر من ضباط الاستخبارات العسكرية وموضع ثقته ومستودع سرّه، ومؤلف كتاب: "عبد الناصر وثورة ليبيا" (انظر ما ورد في الحلقة 7 من ذاكرة الأيام، الصفحة الأولى حول دور عبد الناصر في انقلاب 1969 ودعمه ورعايته للانقلابيين.

ليست هناك تعليقات: