الدكتور على الصلابي والانحراف بيقين
بقلم : أحمد العبيدي
عندما انفجرت ثورة 17 فبراير من بنغازي كانت شرارتها ضحايا سجن (بوسليم) وشهداء السفارة، وأطفال الايدز، فكانت ثورة من أجل ليبيا كلها وكانت صادقة ونقية وعفوية وغير مؤدلجة، وهي ثورة كل الشرائح رجالا وتساءا وان كان الشباب هم وقودها الأساسي، حيث زحفوا على كتائب الطاغية بصدورهم العارية في مشهد أسطوري عجزت فيه الألسن عن التعبير فأصبحت اللغة غمغمات وتمتمات، وسكبوا دمائهم الزكية فوق تراب ليبيا الغالي، وجادوا بأرواحهم الطاهرة من أجل الدين والكرامة والحرية والوطن، وسطروا تاريخا مشرفا بأحرف من نور، وتتابعت قوافل الشهداء، وفي غضون أربعة أيام تمت السيطرة على كتائب القذافي وتحررت المنطقة الشرقية بالكامل
وعلى الفور هبت جميع المدن والقرى في غرب ليبيانا الحبيبة نصرة لبنغازي والبيضاء والمرج وشحات واجدابيا والبريقة والأبرق والقيقب والقبة وسوسة ودرنة وطبرق وجالو والكفرة...الخ.
والتهبت طرابلس من تحت أقدام مرتزقة الطاغية، وانطلقت ملاحم مصراته الخالدة، وبطولات الزاوية الأسطورية، وزأرت أسود جبل نفوسه فاندلعت نيران الثورة في كل الجبل الغربي، وتدافع شباب ليبيا نحو ساحات الوغى من كل صوب وحدب من داخل ليبيا وخارجها، وجن جنون الطاغية وشن حربا شعواء قذره لا هوادة فيها.
وانحاز كل وطني شريف من القادة العسكريين والسياسيين في الداخل والخارج إلى جانب الثوار، وحملوا أرواحهم على أكفهم، وانتشرت الثورة في كل ليبيا انتشار النار في الهشيم وتأسس المجلس الوطني والمجلس العسكري ودارت عجلة الثورة.
وكان الهدف إسقاط ألقذافي وتحرير ليبيا، وتأسيس دولة القانون ودولة المؤسسات، لا دولة المستبد (فرد كان أو طائفة) الذي يستعبد الناس ويصادر حرياتهم، ويعتقل عقولهم، ويسرق حتى أحلامهم، ويحتكر الحق والصواب تحت أي مسمى أو أي مبدأ (سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو ديني) دولة يكون فيها رئيس الدولة أو غيره ما هو إلا فرد من منظومة البناء لتجسيد أحلام وآمال وطموحات الشعب الليبي، فقد ولى عهد الفرد المنقذ أو المخلّص.
والحمد لله لقد أقنعت ثورتنا العالم بنقائها وصفائها وشجاعة أبنائها، فانحاز العرب والمسلمين والمجتمع الدولي بالإجماع إلى جانبها، حتى أن قرار الجامعة العربية أخذ بالإجماع لأول مرة في تاريخ الجامعة.
واستمر زخم الثورة إلى أن دخل عليها أدعياء الإسلام، والإسلام منهم براء، خوارج العصر الحديث أصحاب ثقافة قطع الرؤوس وفقأ العيون وقطع الأطراف وحرق الجثث، فعكروا صفو الثورة، وكادوا أن يكونوا للقذافي بمثابة طوق نجاة، استغلهم لتشويه الثورة وتخويف المجتمع الدولي وإنقاذ نفسه، فتردد الحلفاء أكثر من مرة، وتعثرت الثورة وكادت تنتكس، لكن الله قيض لهم رجال ليبيا الحقيقيون وهم بحمد الله كثر، فصمدوا وقادوا المسيرة بكفاءة عالية وشجاعة نادرة وعلى رأسهم المستشار مصطفى عبد الجليل والدكتور محمود جبريل والفريق الشهيد البطل عبد الفتاح يونس وغيرهم وغيرهم كثير فالمقام لا يتسع لذكرهم، ونحن على يقين تام أنهم هبوا من أجل الدين والوطن والشرف والكرامة لا من أجل الوظائف ولا من أجل الدنيا الزائلة التي يتباكى عليها الدكتور على الصلابي وأمثاله.
• فلقد ظهر علينا الدكتور على الصلابي عبر شاشات قناة (ليبيا TV) وبعد أن بسمل وحوقل تحدث عن أحداث ووقائع (ثورة 17 فبراير) بطريقة عجيبة وغريبة وبخلاف الواقع والمنطق، بل ومجافيا للحقيقة، حتى إننا تشككنا في صلاحية عقولنا وأسماعنا وأبصارنا، ولولا ذكره لبعض المدن الليبية لظننا انه يتحدث عن ثورة أخرى ليست ثورتنا التي عشناها لحظة بلحظة، فان لم نكن مشاركين فيها فنحن شهود عيان لا ننام ولا نغفل عن متابعة أحداثها أبدا حتى هذه اللحظة.
• تحدث الصلابي بإسهاب عن دوره ودور شقيقه إسماعيل وبوكتف وبلحاج وبعض أسماء أخرى لم نسمع بها لا من قبل ولا من بعد ثورة 17 فبراير، محاولا إقناعنا بدورهم في المعارك العسكرية والسياسية بل انه تجرأ وزعم انه ممن وضع خطة تحرير طرابلس!!!
• حاول تشويه الكثير من أعضاء المجلس الوطني والمكتب التنفيذي والطعن في وطنيتهم وكفاءتهم، رغم أنهم اساتذه كبار في أشهر الجامعات في أمريكا وأوروبا والخليج العربي، ورغم عدم إلمامه بمجال بتخصصاتهم العلمية الدقيقة انتقدهم نقد غير موضوعي بل وصل إلى درجة النقد الهدام والغير منطقي.
• جسد الجهوية بطريقة فجه وحاول دق أسافين الفتنة تارة بين قادة المجلس وبين الثوار، وتارة بين الشرق الغرب، حيث انه لم يذكر المنطقة الشرقية ولم يذكر قادتها السياسيين والعسكريين وهي التي قادت المعركة بكل جدارة واقتدار.
• لم يذكر دور الشهيد الفريق البطل عبد الفتاح يونس وهو رئيس أركان جيش التحرير!! وهو السبب الرئيسي في إنجاح الثورة حيث اسقط كتيبة الفضيل بعد أن دكها بكتيبة الصاعقة وهو من أصدر أوامره لرجال الشرطة والأمن كتابيا بعدم مواجهة الجماهير بالسلاح بعد تفجر الثورة رافضا أوامر ألقذافي بذلك وهو وزيرا للداخلية، بشهادة المستشار مصطفى عبد الجليل
• ولم يتحدث الصلابي عن إشراف الشهيد الفريق عبد الفتاح على تدريب العشرات من الكتائب وتأسيس جيش التحرير في بنغازي والجبل الأخضر والجبل الغربي، وعن التنسيق والاتصالات السرية للشهيد عبد الفتاح مع ثوار وقيادات الجيش والشرطة في مدينة طرابلس وإعداد خطة تحريرها التي ادعى الصلابي كذبا وزورا وبهتانا بأنه شارك مشاركة فعاله في إعدادها.
• لم يتحدث الصلابي عن ملاحم البطولة في الجبل الغربي وعن الأسلحة التي انزلها طيران فرنسا والأسلحة الفرنسية الثقيلة التي أنزلت في النيجر بتنسيق الشهيد عبد الفتاح مع القيادة الفرنسية وقادة الثوار بالجبل الغربي الأشم.
• لم يتحدث عن انضمام اللواء الركن سليمان محمود العبيدي من أول يوم للثورة وقيادته للثوار وإسقاطه كتيبة طبرق، ومشاركاته الفعالة في معارك مصراته والجبل الغربي فهو معاون رئيس الأركان الشهيد عبد الفتاح يونس، بل حاول الصلابي تشويه اللواء الركن سليمان محمود والطعن فيه بذكره لحرب تشاد.
• أنكر وجحد الصلابي مجهودات جبارة لضباط وجنود وشهداء كثر من المنطقة الشرقية قضوا نحبهم في غرب بلادهم ليبيا، فلم يتحدث عن الشهيد البطل العميد علي حدوث العبيدي (أسد مصراته) الذي قاد معارك طاحنة واستشهد على مشارف زليتن، وبكت عليه مصراته كلها وأصر أهلنا وثوارنا البواسل في مصراته على دفنه في مدينتهم الصامدة. ولم يذكر الصلابي الشهيد البطل الشلماني أحد أبطال تحرير شارع طرابلس بمصراته والشهيد البطل توفيق عمران الزوي الذي استشهد في مصراته وهو ينقذ العائلة المغربية
• لم يتحدث الصلابي عن شباب المنطقة الشرقية الذين أبلوا بلاء حسنا عندما لبوا نداء الوطن ونصرة إخوتهم في كل ربوع ليبيا، وسقطوا شهداء من أجل وحدة ليبيا، ومن أجل شرف حرائر مصراته وزليتن والجبل الغربي واجدابيا والبريقة، ولم يترحم الصلابي على الشهداء رغم بسملته وحوقلته كلما بدأ حديثه.
• حاول الصلابي تشويه وتقزيم دور التحالف الدولي وخاصة فرنسا وهي ألتي انقذت بنغازي من رتل طوله أكثر من مئه وخمسين كيلو متر حيث ان طيرانها أول من تصدى لذلك الرتل الرهيب من الدبابات ومدافع الهاوزر والراجمات
• لم يتحدث الصلابي عن الجرافات الخاصة التي تحمل الثوار والسلاح والعتاد والاغذية والأدوية والتبرعات المالية الضخمة التي تدفقت الي مصراته والجبل الغربي من البطنان والجبل الأخضر وبنغازي، ولم يتحدث عن ذلك الشاب الفقير من طبرق (وغيره كثير) الذي باع سيارته الخاصة بمبلغ (12 ألف دينار) وتبرع بها إلى ثوار الجبل الغربي.
• ولم يتحدث الصلابي عن شقيقه اسماعيل وفوزي بوكتف بمساعدة الدغيلي وكيف استحوذوا على عديد من الأسلحة والذخائر وتم تخزينها في مزرعة ألقذافي ببنغازي ولم تبعث إلى جبهة القتال الشرقية حتى هذه اللحظة، رغم معاناة الجبهة من النقص الحاد في العتاد والذخائر!! ولم يتطرق إلى أطنان الأسلحة والذخائر التي استولى عليها بلحاج في طرابلس، مما يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها من قبل إسماعيل وبلحاج وبوكتف والدغيلي هذا الذى سجن في قضية اختلاس وارتشاء من قبل شركة فبرصية، وكان من ضمن سفراء القذافي في أكثر من دولة، ويصفه الصلابي بالرجل الفاضل!!! بل وصفه بأنه بمثابة والده.
ونسيت أو تناسيت يا صلابي التحاقك بركب سيف القذافي تطبل وتزمر لمشروعه الوهمي (الإصلاحي) (ليبيا الغد) رغم علمك بأنه وهم وسراب وضحك على الذقون، والغرض منه توريث الحكم لسيف، وأنت تعلم علم اليقين بما فعله القذافي وأبنائه بالليبيين من سحق ومحق وإذلال طيلة عقود طويلة كانت كلها مواسم للفساد والظلم وسفك الدماء.
ونحن نعلم يا صلابي انك دخلت في حوار مع الجماعات المقاتلة ليس لإرضاء الله ورسوله وليس لإطلاق سراح السجناء، ولكن لإرضاء سيف ولتحسين وتلميع صورته وتعزيز وتثبيت أركان حكم القذاذفه قبيل وبعد التوريث، رغم علمك بمؤامرات وحروب وجرائم ألقذافي البشعة في حق شعبنا التي راح ضحيتها آلاف الأرواح البريئة في شتى بقاع العالم، ورغم انك على يقين تام بفساد نظام ألقذافي وأبنائه وانه حالة ميئوس منها وغير قابلة للإصلاح، ومع هذا كله كنت تلهج بالدعاء لسيف ووالده!! وصدق من قال: (ان أرذل ضروب الإنحراف الإنحراف بيقين)
وبالرغم من جرائم ألقذافي وأبنائه الأخيرة في حق شعبنا من قتل واغتصاب وخطف وتشريد وبالرغم من صدور مذكرات قبض من محكمة الجنايات الدولية، وبالرغم من فتاوى ومواقف علماء الأمة الإسلامية بتكفير القذافي وضرورة التصدي له وإسقاط نظامه، كفتوى الشيخ القرضاوي والشيخ الصادق الغرياني والشيخ الدوكالي والشيخ الشهيد البشتي والشيخ طاهر صاحب البيان الأول لإنحياز الجبل الغربي والتحاقهم بركب ثورة فبراير، بالرغم من كل ذلك دخلت يا صلابي في حوار سري مع أزلام النظام، لإنقاذ الطاغية وأبنائه من حبل المشنقة بحجة حقن دماء الليبيين!!!
ولا زلت حتى اليوم تصف المجرم زيف القذافي: بالدكتور سيف!!! والفاسق دورده بالأستاذ بوزيد، في الوقت الذي تطعن في أغلب أعضاء المجلس الوطني والمكتب التنفيذي وقادة الثوار!!
وأخيرا نقول لك يا صلابي: رويدك ثم رويدك فلا تدعى انتصارات ليست لك وتفتخر بأمجاد غيرك، فانك لا تستطيع ان تخفي عين الشمس بغربال.
ونقول لك: (ليكن أمرك بالمعروف معروفا، وليكن نهيك عن المنكر ليس فيه منكر) ولا تفسد على الناس فرحتهم بثورتهم، ولا تشككهم في وطنيتهم، ولا تعبر الجسر قبل أن تصل إليه، ودع أهل الاختصاص يتولون بناء ليبيا الحرية، ليبيا دولة العدل والعدالة.
بقلم أحمد العبيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق