الأحد، يوليو 24

اراء وطنية جادة

لا للقبلية ... نعم للقبيلة
محمد بشير البرغثي

   رفع بعضنا في بنغازي شعار "لا للقبلية" وانتشرت اللافتات والملصقات التي تحمل هذا الشعار في كلِّ مكان وعند كلِّ تجمع ، وقرأ بعضنا هذا الشعار على أنه "لا للقبيلة" رُغم أن الفرق واضحٌ ."لا للقبلية" يعني التوجه إلى نبذ الفرقة واحتكار قبيلةٍ للسلطة والثروة ، أما أن نقول "لا للقبيلة" فكأننا نتنكَّر لجذورنا التي لم في يومٍ إلا مدعاة لكلِّ فخر ، إن البعض الذي ذهب إلى القول أن شعار "لا للقبلية" يعني في حقيقته "لا للقبيلة" لكأنما نسيى أو تناسى أن هذه المدينة من دون غيرها من مدن الوطن التي رفعت بشرف ومنذ عصور مضت شعار "رباية الذايح" كانت ولا تزال وسوف تظل موطناً لجميع قبائل الوطن خصوصاً وقد امتزجت على ترابها دماء الشهداء من عديد القبائل دفاعاً عن الوطن وطلباً للحرية حتى  لكأنما كانت القبائل تتسابق لتقديم الشهيد تلو الشهيد ، كيف لا والشهيد يشفع لسبعين من أفراد أسرته ، كنا ننقل جثامين شهداءنا فنجد إخوةً لنا من جميع القبائل يتقدمون موكبنا ويحيطون بنا، كنا نعود جرحانا فنجد إخوةً لنا من قبائل أخرى يُضمِّدون جراحهم ، كنا نستقبل أسرانا المحرَّرين فنجد إخوةً لنا من قبائل أخرى يحملونهم على الأكتاف هاتفين باسم الوطن ، كنا ، ولا زلنا وسنظل ، نُتبع بإسمنا الثلاثي اسم قبيلتنا بل إن بعضنا - ربما من باب الإعتزاز بانتمائه القبلي – يجعل من اسم قبيلته اسمه الثاني ، لازلنا كما كُنّا في سائر أيامنا الجميلة السابقة أمةً واحدةً نُجسِّد غاية الله عندما جعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف ونتعاون على البر والتقوى ، لازلنا كما كُنّا أمرنا شورى بيننا ، ولا زلنا كما كُنّا دائماً نشد أزر بعضنا البعض ونتقاسم العيش معاً ، وكانت القبيلة ولا تزال وعاءً اجتماعياً يضم مجموعةً من الناس تجمعهم رابطة الدم أو رابطة المؤاخاة همُّها تحقيق التآلف الإجتماعي وإجراء الصلح بين العباد... فلماذا إذن نُصر من دون مبرر على أن نفهم أن شعار "لا للقبلية" يعني "لا للقبيلة" ؟ ومن بابٍ آخر لماذا نتمسك بشعار "لا للقبلية" ؟ هل ظهرت صراحة أو مواربة أية مؤشراتٌ أو دلائل تُنبيء عن بوادر ترعرعِ نزعةِ تسلطٍ قبلي من قبيلةٍ على غيرها من القبائل؟.
   لست أطلب في هذه المرحلة الإنتقالية الإفصاح عن الأسماء الرباعية لشاغلي المراكز السياسية والإدارية مخافة أن يُسفر ذلك عن إغفالِ التوازن في توزيع الحقائب بأنواعها على مختلف الأطياف الإجتماعية لكنني لا أرى ما يمنع من أن نُفصح عن أسماء شهداء هذه المدينة – كلاً منسوباً لقبيلته - في جميع العهود ربما بدءاً من سنة 1911 فذلك يُعزّز في رأيي حقيقةَ أننا كلنا أبناءٌ لوطنٍ واحد قد لا نتساوى في أداء الواجب لكننا جميعاً متساوون في الحقوق .
دعونا نقول لا للتعصب القبلي -  رغم أنه لا مؤشرات على وجوده المؤثر – وفي ذات الوقت دعونا نقول نعم للقبيلة كما أرادها الخالق الباريء عز وجل .
    إن القبيلة ، كنتيجةٍ لغياب مؤسسات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية الناضجة ، تجد نفسها مضطرةٌ الآن للعبِ دورٍ جديد قد يكون الدور الرئيس لها لفترة من الوقت إلى أن تستكمل الدولة مؤسساتها وهياكلها السياسية والقانونية والإدارية والمالية فهي المظلة التي يُمكن أن نلتقي تحتها لُننَاِقش مصيرنا ومستقبل أبنائنا ، ومن خلال ملتقيات قياداتنا مع قيادات القبائل الأخرى يمكننا أن نتبادل الرأي حول مستقبل ومصير الوطن .
إن دور القبيلة الآن مُهمٌ للمساهمة في تقرير مستقبل ومصير الوطن ، ولكن لكي تتمكن القبيلة من التصدي بجدارة لهذا الدور الجديد لا بد لها من أن تعيد النظر في تركيبة قيادتها ، نعلم أن الإخلاص والحرص لم يكن ينقص قياداتنا القبلية الحالية لكن العلم والمعرفة والتخصص هو محور إهتمامنا ، ولذلك فإننا يجب أن نعمل جاهدين على الدفع بأبنائنا المثقفين لأن يضطلعوا بدورهم المأمول في قيادة القبيلة مباشرةً أو من خلال المشاركة الفعالة بتقديم الرأي والمشورة.


أ. محمد بشير البرغثي

هناك تعليق واحد:

IMA ELGHAZALI يقول...

كل منا يتشرف بقبيلته كل ماقيل علي القبيله كان في عهدالطاغيه لغايه التقسيم والفتن بين الاخوة الان نحن في زمن الحريه في ليبياالحره التي لن تقبل باي تفكير او تقسيم من ترهات العقيدالتي عشنا سنين عليها في تفرقه بكلمته شرقاوي غرباوي وقبيله فلان وفلان ..
الان كل الليبين تحت قبيله واحد ليبيا فقط ولن نسمح لاي متسلط ان يفرق بين الاخوه..
تقبل مروري.
رعاك الله وحماك وسلمت يمناك..