الأحد، يوليو 17

                                         رسالة الشباب في ليبيا المستقبل

د. فتحي العكاري

لقد أظهر شباب ليبيا في كل المناطق بالداخل و الخارج خلال الشهور القليلة الماضية مدى جودة معادنهم الأصيلة و في عدة أشكال من قدرة على التضحية بالنفس  أو المال أو الجهد أو الوقت في سبيل إنقاذ البلاد من الطاغية و أزلامه و هذا الكلام ينطبق على الشباب و الفتيات على حد سواء.
 إن الذين واجهوا آلة الحرب و الموت من أول يوم و حتى هذا اليوم هم شباب ليبيون ولدوا و عاشوا في ظل نظام جائر حرمهم أبسط مقومات الحياة الكريمة خلال أربعة عقود من ضنك في العيش و سوء في التعليم و رداءة في الخدمات، و لا زال أمامهم دور كبير و رسالة تاريخية في إعادة بناء هذا الوطن على أسس سليمة من خلال استكمال مشوار التحرير و المحافظة على النصر و بناء هياكل الدولة على أسس من العدالة و المساواة بين كل الناس و كل المناطق الليبية و هذا العمل يحتاج إلى تنظيم الشباب و إعادة تأهيلهم و تدريبهم و توجيه طاقاتهم في مسيرة البناء. إن هذا العمل يحتاج إلى تخطيط  و عمل على مستوى البلاد في الداخل و الخارج من الآن لكي يكون الشباب على استعداد للمشاركة و الإسهام في الحراك السياسي بعد النصر.
المؤتمر الوطني للشباب الليبي
و كخطوة أولى في هذا المشوار نحتاج إلى عقد مؤتمر وطني للشباب و ربما على عدة مراحل لوضع الخطط لمنتديات و لقاءات شبابية على مستوى جميع المدن الليبية و يمكن أن ينعقد أول هذه الملتقيات في تونس بسبب وجود جالية كبيرة فيها و بسبب قربها من طرابلس و المناطق الغربية و بالتالي سهولة الوصول إليها من الداخل، ثم ينعقد المؤتمر الثاني في بنغازي ليكمل جهود اللقاء الأول و يتولى التخطيط لعقد ملتقيات شبابية محلية تفرز قيادات مرحلية كي تساهم في تنظيم العمل الشبابي. و في الختام ينعقد المؤتمر الوطني العام للشباب الليبي في طرابلس بعد تحريرها و عندها تبدأ مرحلة التنفيذ الكبرى لهذه الرسالة.
أهداف المؤتمر الوطني للشباب
          يمكن لهذا المؤتمر أن يطرح العديد من القضايا التي تشغل بال الشباب و لكن للبدء بالعمل نقترح بعض الأهداف العامة و التي تغطي مشاكل واضحة للجميع في الأربعة عقود الماضية و منها:
أولا: تيسير التعليم بمراحله المختلفة
 و هنا لا يخفى على أحد مشاكل مناهج و برامج التعليم الأساسي و العالي و المهني، و بالتالي نحتاج إلى تيسير في اللوائح و المناهج و مرونة في المداخل و المخارج أو العودة بعد الانقطاع و بناء برامج التعليم المستمر مدى الحياة. و لتكوين فكرة أشمل أنصح الشباب بدراسة بعض الأفكار الأساسية في هذا المضمار في مقالات سابقة منشورة في مدونة باقات ليبية بعنوان:
معالم التيسير في برامج التعليم النموذجي 1،2،3.
إصلاح التعليم العالي.
ثانيا: ربط الحاضر بالماضي من أجل مستقبل أفضل
            الكل يعرف ما حدث من تزييف للتاريخ و طمس للبطولات و النضال الليبي سواء خلال مرحلة الجهاد ضد المستعمر أو في مرحلة البناء الوطني و بالتالي نحن بحاجة لمعرفة تاريخنا و رجالنا و نضالنا لنبني مستقبلنا على وعي من ماضينا. و لمن يحتاج من الشباب لبعض الخلفية الأولية أنصح بدراسة بعض المقالات في هذا المجال و منها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
قراءة في سيرة شيخ الشهداء عمر المختار.
التربية الوطنية أساس النهضة.
دور النخبة الوطنية في بناء ليبيا.
الأحزاب و الحركات السياسية في ليبيا قبيل الاستقلال.
مقدمة في مقومات الديمقراطية.
صناعة المستقبل1،2،3.
كما توجد بمدونة باقات ليبية مقالات عن شخصيات وطنية ليبية يمكن أن تمثل نماذج من النضال الوطني و السياسي منها عبد الله سكتة، و عبد الكريم لياس و علي الجربي، و الصالحين بن سعود، و محمد الإمام الزنتاني و إبراهيم الأسطى عمر.
ثالثا: إعداد برامج الاكتشاف و التأهيل
منذ انطلاق المؤتمر الأول يجب التفكير جديا في برامج تدريبية متطورة نقوم من خلالها باكتشاف المهارات الفردية و وضع خطط لتطويرها و تنميتها و تسخيرها في مراحل البناء. و يمكن أن تنطلق هذه البرامج من خلال دورات تدريبية فنية متخصصة في مجالات بعث و تطوير القدرات و المهارات الفنية و القيادية في جميع التخصصات و تيسير سبل التفاعل بينها و خلق أجواء صحية للحوار الوطني بين الشباب. كما نحتاج إلى دورات على مستويات مختلفة لنشر تقنية الحسابات و المعالجات الرقمية للمعلومات بما يسهل التواصل الإلكتروني الثقافي و الاجتماعي بين قطاعات الشباب. ثم يأتي دور الإهتمام الخاص بالمبدعين و أصحاب القدرات البارزة و ذلك بتخصيص جهد مناسب لمساعدتهم على قيادة قطاع الإبداع و تكوين نماذج وطنية لأجيال المستقبل.
رابعا: تيسير مشاركة العنصر النسائي في الحراك الوطني
يحتاج العنصر النسائي الليبي إلى اهتمام خاص لتيسير دور المرأة في بناء المجتمع من خلال تيسير ظروف المشاركة في العمل الوطني و العام بجميع أشكاله من خلال إصدار تشريعات تسهل عليها المشاركة بدون إلحاق الضرر بدورها في الأسرة. و بإصدار قوانين تحميها من التمييز في العمل أو الاستغلال أو الاعتداء أو التحرش بجميع أشكاله كي تتمكن المرأة من أخذ حقها و أداء واجبها دون خوف من أحد. و المجتمع في السابق كان يقف على رجل واحدة أما الثانية فمقيدة سواء في البيت أو خارجه بانعدام الحماية و التيسير اللازمين للمرأة من أجل المشاركة

ليست هناك تعليقات: