ليبيا.. هل من قلوب تُحبُّها؟
بقلم : م. محمد شعيب
هي ليبيا اليوم يا سادة, وهي مازالت لم تبلغ الحلم وربما جنى عليها القلم وكل الأقلام ليس فقط بل فضائياتٌ انتشرت كالنار في الهشيم الذي بقي بعد فرار القذافي إلى جهنم التي كتب عنها من قبل, كل الأبجديات صارت تكتب وترسم وتتوعد وتهذي وتنتقد وتحاسب وتفضح (دون تحديد) وكأن هذه الـــ ليبيا قد صارت دولةً كاملة البنية والمؤسسات وصارت شعبا واعيا وجيشا وأمنّأ وموانئ ونفط يسيل و... و... ولم تُقدِّم تلك (الأقلام) ولا كل هؤلاء المهاجمين على الوطن الجريح أية مبادرات توحى بحسن نية كاتبيها (أو مزوريها).
صار الحديث يبدأ بذات الكلمات... المجلس ..الحكومة... المسؤولين... ونادرا ما يكون الحديث يبدأ بــ الشعب, المثقفون... المهنيون...
نعم أنا أعترف بأننا جميعا اشتقنا كثيرا لسب الحكومات والحاكم فعلى مدى أربعة عقود وأكثر لم يكن ذلك سوى عملية انتحار جماعية لك ولأهلكولأصدقائك , لكنَّ هذا لا أجده مبررا للهجوم لمجرد الهجوم على المسؤول الذي لابد من شكره بعض الوقت لتحمله عبئ العمل في ظروف استثنائيةوهذا قد يشفع له بعض القصور وليس كل التقصير بالطبع.
لقد استلمنا ليبيا بعد سقوط الطغيان مساحةً عزيزةً ولكن بلا أموال ولا ماء ولا كهرباء ولا إتصالات ولا موانئ بحرية أو جوية قادرة على العملبسبب التدمير الممنهج الذي أدارته كتائب الإجرام في حربها ضد الليبيين وانهارت كل مؤسسات الدولة مع هروب مسؤوليها (أو تهريبهم) أوقتلهمفي المعارك أو اعتقالهم وذلك لأنها مؤسسات رجل واحد تخدمه الدولة كلها بحكومتها وشعبها وأجهزتها وكتائبها الأمنية التي لا يمكن حصرها فكانت ليبيا بلا جيش حقيقي منذ السبعينات وبلا شرطة فاعلة تخدم الناس وحتى بلا مسؤولين يحترمون وجودهم على الكراسي التي جلسوا عليها.
هذا بعض ما ترك لنا حكم العائلة في ليبيا... فهل يتصور أحد أن بناء دولة سيتم بين عشية وضحاها؟ هل يمكن لأحد النهوض من هذا الدمار في غمضة عين؟
أنا هنا لا أُبرِّئ أحدا من شبهات فساد كما يقول البعض عن البعض ولا أدعو أبدا لإستباحة أموال ليبيا لأنها أموال الليبيين جميعا ولا يمكن أن يسمح الليبيون بهذا حتى وإن أجَّلوا محاسبة من تلاعب بحقوقهم لبعض الوقت وهم ينظرون للأمام في محاولة لكسب الوقت الذي لن يكون قصيراولن يكون سهلاً ولن يمر دون أخطاء لا يجوز أن تكون مقصودةً بأي حال.
لا أتمنى أن نبكي أو نتباكى على وطن ونحن نرى السكاكين تحوم من حول رقبته من كل إتجاه وهذا يجعلنا في حاجة إلى صبر كبير ووطنية كتلك التي اجتاحت الأنفس والقلوب في 17 فبراير ووحدة لا تهتز للعواصف أبدا.
ليبيا وطنٌ للجميع... ليبيا وطنٌ واحد لا يمكنه أن يتفرق من جديد تحت أي مسميات قزمية تتباكى على زمن لم يكون هو الآخر سوى مرحلة أدت فينهاية المطاف إلى ليبيا الدولة.
أدعوكم جميعكم إلى التمسك بـــ ليبيا التي روت دماء شعبها كل ترابها منذ حرب الطليان مرورا بالحرب العالمية وسقوطا مريعا في عهد القذافي الذي اسقطته إرادة الناس وقتلوه كما فعل بآلاف الليبيين... أدعوكم لبعض الصبر والتكاتف والتوجه إلى أعمالكم العامة والخاصة وعدم الإنصياع لتلك الأصوات المغرضة التي تنتقد فقط (ولسبب مجهول) مدَّعيةً حرية القول في دولة لم تقم بعد وتنتظر أن يساهم الجميع في بنائها لا في هدمها.
م. محمد شعيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق