الأحد، أبريل 1

حصريا : كتابات وتحليلات إمنينة


إحياء علوم السياسة
                                 بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه
الحلقـــــة (3)   
ذكرنا في الحلقتين الماضيتين كيف تطور علم السياسة منذ الفيلسوف أرسطو (الممنهج والمحرّك الأول) مروراً بالمفكرين والفلاسفة النصارى والمسلمين في العصر الوسيط ومعظمهم كان لا يرى في السياسة إلا زاوية من التعاليم المنزلة والمبادئ الأخلاقية ، وإنتهاءً بنيقولا ميكافيللي منذ خمسمائة عام بإنشاء طريقته الواقعية في وصف سياسة الحاكم ، كما اوردنا تعليقاً ناقداً لهذه النظرية للديكتاتور بينيتو موسوليني في أطروحه كان قد قدمها في صدر كتاب (الامير) لميكافيللي وذلك في العام 1924 ، لنقد هذا الكتاب ، ونواصل :
علمنا من وسائل إعلامنا الرشيدة أن سعادة النائب العام فى النظام الليبى المستشار عبدالعزيز الحصادي ،و هو بدرجة وزير كان قد شدّ الرحال إلى العتيدة جارتنا مصر وبيده قائمة بها حوالي 30 أو أكثر من أسماء أزلام للنظام السابق وقع طلبهم من قبل المجلس الإنتقالي لمحاكمتهم كلصوص أو قتلة أو الإثنين معاً. وتفاءلنا نحن الشعب غير أن سعادة النائب العام قد رجع بخفيّ حنين .
كان هذا خبراً وفيما يلي التعليق :
ضيفنا في هذا المقام هو المرحوم الحاج عبد الرحمن آغا ، عاش في القرن الثامن عشر (1720-1792) ومثّل ليبيا كسفير في عدد من عواصم أوروبا الكبرى ، وفاوض وعقد بإسم بلاده معاهدات واتفاقات . والحديث عن سفير ليبي في القرن 18 له دلالة خاصة ،فهو يعكس واقعا غير مرئى من تاريخ هذه البلاد ، فليس هيناً ولا عادياً أن يكون لليبيا سفراؤها وممثلوها في لندن وڤينا ولاهاي ولدى السويد والبندقية وأسبانيا والدانمرك قبل أن يولد نابليون بونابرت وقبل ان تتحد إيطاليا وتصبح روما عاصمة لها بأكثر من نصف قرن من الزمان ، وقبل الثورة الفرنسية بحوالي نفس الفترة الزمنية ، ثم بعد ذلك تعود البلاد وأهلها إلى أقصى درجات التخلف والجهل والامتهان والذل . والحاج عبد الرحمن آغا رحمة الله عليه ، رجل آمن بوطنه واخلص له كل الإخلاص ، وضحى في سبيله بكل شيء : أسرته ، راحته ، حياته حتى قضى شهيد الواجب غريباً عن بلاده وفي سبيل إنقاذ شعبه من شرور المجاعة في ذلك الوقت , وهل هناك مجال للمقارنة بين هذا السفير والاستاذ عبد العزيز ؟ تا الله لا !!  
وليس هذا المجال لذكر تفاصيل أو ترجمة لهذا المثال الرائع من الدبلوماسية والشرف الرفيع والقوة ، وأنا أنصح من يريد تفاصيل عنه أن يقرأ في كتاب " عشر سنوات في بلاط طرابلس " الآنسة توللّي Miss Tully– ترجمة د. عبد الجليل طاهر – منشورات الجامعة الليبية – دار ليبيا – بنغازي 1967م .
إن القصد من هذا المثال والتنويه هو ما ذكرته آنفاً فإنه والحسرة تعتصرني أتساءل : أبعد كل هذا المجد والعُلا في التمثيل والتاريخ والدبلوماسية في ليبيا وإتمام المفاوضات وإبرام الإتفاقيات والمعاهدات مع أعتى الدول الأوربية الإستعمارية في العالم ، أبعد كل هذا نفشل ونضعف ونعجز أمام رمم وحثالة ونفايات مثل النيجر ومصر وتونس والجزائر وغيرها ؟ هذه النفايات لم يكن لها  حتى سفارات في أي دولة في أوربا ولم تكن حتى دولاً في الأصل ، ولم تكن قد انقشعت عنها سحائب الاستعمار بعد ، هذه النفايات نعجز أمامها عن المطالبة برؤوس اعداء الشعب الليبي التي تحتضنهم هذه الدول مع اموالنا من أزلام الطاغية وذريته الشقيّة ؟ أما والله لقد هزلت حتى بدت كلاها !! 
            ألا أيها المجلس : ألم يحن الوقت لتقول لنا وداعاً وسامحونا !!
                                 فلقد طفقت في العروق الدما .

ليست هناك تعليقات: