الأربعاء، أبريل 4

بريد أحبة الوطن


مختارات م. إبراهيم الفلاح


إلى أخ لي لم تلده أمي
 .

    بقلم / د. فؤاد محمد فريد سيالة
التاريخ : السبت 10 مارس 2012
العنوان: شارع العقيب، أو سوق الظلام، أو ميدان الشجرة، أو ساحة الحرية – بنغازي/ ليبيا
دعني أخي أعرفك بنفسي أولا
أنا أنتمي من جهة الأب إلى عائلة، أو لعلها فرع من قبيلة أو فخد أو بطن (عذرا، فلست أعرف ولا تهمني تفاصيل تفرعات القبائل)، عربية، يقال أن أصلها يعود إلى الحجاز، واستوطن بعضها ما يعرف اليوم بالسعودية والعراق والأردن ومصر وتونس وليبيا. سكن جد جدي طرابلس الغرب، وأنجب أولادا وأحفادا، وتزوج جدي، من بين من تزوج، امرأة ليبية من أصول غدامسية، فكان لهما والدي.
من جهة الأم، أنتمي إلى عائلة، أو قبيلة، لا يزال الجزء الأعظم منها يقطن منطقة قصر حمد في مصراتة، وجزء كبير منها استوطن بنغازي. وكان حظ والد جدي لامي، رحم الله الجميع، أن سكن طرابلس، وتزوج امرأة من أسرة طرابلسية محضة. اكبر أخوالي رحمه الله كان احد مؤسسي جمعية عمر المختار، وزوجته رحمها الله اعتقلت مع ابنها الرضيع في معتقل العقيلة .
أما زوجتي، فهي من أسرة مسلاتية الأصل استوطنت بنغازي، وولد صهري ووالده هناك. ولدت زوجتي، من أم درناوية الأصل في بنغازي كذلك، وان كان صهري سكن طرابلس، حيث تشرفت وتعرفت على زوجتي حفظها الله .
أنا؟ أنا ولدت في المدينة القديمة في طرابلس، وربيت في بلخير، ودرست في الظهرة وجامع عمورة وميزران. لعبت البطش في زقاق في بلخير، ولكني ركبت الدراجة لأول مرة في ميدان البلدية في بنغازي. شاهدت أفلاما سينمائية في سينما لوكس في طرابلس، وكذلك في سينما ريكس في بنغازي. اشترى لي أبي لعبة أطفال من محلات نيكولا في طرابلس، ومجلة أطفال من مكتبة الشعالي الخراز في بنغازي .
لي أقارب بالمصاهرة من غريان وبن وليد، وترهونة ويفرن. أكلت الفتات في سبها، ولكني أفضل عليه الفتات المصراتي. آذى عيني عجاج اجدابيا، واشتريت وقودا لسيارتي في زلة. أكلت تمرا في مرزق، وشربت لبنا في طبرق .
أنت وأنا؟ أنت دعوتني لأكلة (رز وعصبان) في شارع الزار في بنغازي، وأنا دعوتك لأكلة (كسكسي عسلوز) في شارع الظل في طرابلس (ألا تذكر عندما داعبتني واتهمتني بالبخل لأنه لم يكن هناك لحم على الكسكسي؟). أنت وأنا وقفنا معا عند بوابة الجامعة في طرابلس وأنشدنا رائعة محمد صدقي (هذه الأرض هي العرض لنا). تشاركنا معا في صحن مبكبكة في عمارة رقم 5 في داخلي الجامعة. هربنا معا أمام هراوات (قوى الثورة) يوم 7 أبريل. بكينا معا حسرة وألما وغيظا عندما شنق رشيد كعبار في طرابلس وعمر دبوب في بنغازي .
دعك من التاريخ القديم، ولنر ما فعلناه معا منذ عام واحد فقط. قبل 17 فبراير 2011، أنت وأنا كنا لا نصدق أن هذا اليوم سيغير وجه التاريخ. ولكن حدث ما كنا فقدنا الأمل في حدوثه. أنت وأنا رأينا ساحة الحرية في بنغازي تصرخ (ليبيا وحدة وطنية، لا شرقية ولا غربية). أنت وأنا رأينا ميدان الشهداء في طرابلس يرتوي بالدماء لأنه صرخ (بالروح والدم نفديك يا بنغازي). أنت وأنا رأينا بنغازي تنادي (يا شباب الزاوية نبو ليلة ضاوية)، فترد العنقاء (يا بنغازي مش بروحك نحنا ضمادين جروحك). أنت وأنا بكينا معا عندما شاهدنا أم عماد زكري تودعه في نالوت، وابنة المهدي زيو ترثي والدها في بنغازي. أنت وأنا سجدنا لله شكرا عندما صدر قرار مجلس الأمن ليلة 18 مارس، وسجدنا لله شكرا عندما رأينا المردوم يردم يوم 20 أكتوبر .
كيف تصنفني إذن؟ هل أنا غرباوي أم شرقاوي؟
عن نفسي، أقول أني ليبي وافتخر. وأصولي وأصول بنتي الاثنتين وابني تمتد إلى جزء لا بأس به من ارض ليبيا. علمني والدي رحمه الله مقولة صاغها بقلمه الذي قصفه المردوم يوما. (ليبيا فوق وقبل الجميع ).
لا أخفيك أني لا افهم مطلب إي كان إذا كان هذا المطلب يهدد انتمائي، ويريد أن يحرمني من إحساسي باني في بلدي، سوأ كنت في طرابلس أو مسلاتة أو مصراتة أو بنغازي أو العقيلة أو نالوت أو غدامس أو اجدابيا .
عذرا يا أخي الحبيب، لا أفهم، ولن أفهم، من يريد تمزيق جسدي، من يريد اغتيال حلم أولادي .
ما افهمه وأريده لليبيا هو أن تكون بلدا متمدينا عصريا. ما أريده هو نظام إداري متطور للدولة التي سيرثها أولادي. أريد نظاما إداريا لا مركزيا حقيقيا لا مفتعلا، ليس لأنني أتفهم مطالب أهلي في الشرق، بل لأنه النظام الأكثر عدلا، ولأنه النظام الأكبر جدوى اقتصاديا .
هيا يا أخي نشبك أيدينا، أنا وأنت، مرة أخرى لنفرح ونبكي معا. هيا نبني، أنت وأنا، دولة العدل، فإن دولة العدل، كما تعلم، إلى قيام الساعة، ودولة الظلم ساعة.
تحياتي وتقديري لشخصكم الكريم
كاتب المقال : د. فؤاد محمد فريد سيالة – مستشار الطاقات البديلة بمنظمة أوبك.

ليست هناك تعليقات: