الأربعاء، نوفمبر 30

حصريا ( امنينة )

ثورة 17 فبراير
 في الميزان و إلي أين ؟
مدخل : الزمان 1955
بقلم : ابراهيم السنوسي امنينة

المكان: شارع عمرو بن العاص(فياريودجينا – يعني شارع الملكة سابقاً ) وأنت آتياً من شرق بنغازي ومولياً ظهرك إلي ضريح عمر المختار قبل أن يقوٌضه الساعدي القذافي – سيئ السمعة – بالتعاون مع أزلام الطاغية (أحدهم أعدمه الثوار ) والآخرون لا يزالون أحياء !
أقول وأنت آتياً من الشرق مولياً ظهرك لرفات شيخ الشهداء كما فعل الطاغية فقد أنكره وولى له ظهره النجس بل وأصدر أوامره لأزلامه وخدمة وطوع بنانه لنبش قبره ونقل ما تبقى من رفاته إلي قرية سلوق وذلك تحت شعار "كان يجب دفنه في مكان إعدامه" ، لتخليد تلك القرية ... وهذا شعار زائف ، والسبب والواقع أنه لا يريد جندياً مجهولاً ولا بطلاً تاريخياً يمثل ويرمز لتاريخ كفاح ليبيا الطويل والمرير إلا شخص آخر لا علاقة له بالجهاد البتة يهيئ له نصباً تذكارياً لتوضع عليه باقات الورود وتصدح الموسيقى بالنشيد (القذافي) وليس الوطني ، والذي تعني مفرداته كلمات حق أريد بها باطل أقول ليضع هذا الرئيس الزائر (ويكون في الغالب من المتخلفين الطامعين الواقعين إلي جنوب خط عرض 20 من القارة السوداء ويجب علي هذا الزائر بعد أن ينحني ويضع باقات الزهور (التي كانت من المعتاد أن توفرٌها إدارة المراسم علي نفقتها ) - علي مصطبة ذلك النـُصب ، وبعد ذلك يرجع القهقرى ببطء وعلي المهل ويده علي قلبه في خشوع ويتوقف حتي ينتهي عزف النشيد القذافي فيسلـَم  علي المرافقين ويرجع مهرولاً إلي أقرب فندق في سرت وليكن مجمٌع (واغادوغو) ، ليلتقط حقيبته الأكبر قليلاً من (السمسونايت) الفارغة ليملأ له (باليورو أو الــدولار) السيــد رئــيس القـــلم الــذي لا يكتــب المدعــو (أحمد رمضان) الذي كان قد قبض عليه مؤخراً واعترف باغتيال الإمام موسي الصدر في شهر ديسمبر 1978 بواسطة أزلام الطاغية ودُفن في جنوب ليبيا حسب رواية عبدالمنعم الهوني وعديله الطيار نجم الدين اليازجي رحمة الله عليه ،
 وبالمناسبة ياليت حسن نصر الله يدرك ويتوقف عن النحيب والنواح علي الطاغية ، فقد أنتهي هو و أبناؤه وعهده إلي غير رجعة ، وقد حان الآن وقت اقتصاص الشيعة مما تبقي من سلالته في الجزائر والنيجر " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "(179). سورة البقرة وذلك حسب التعليمات بما لا يقدر علي عدٌه و إحصائه ذلك الضيف الذي هو في الغالب من أزلام الطاغية و الفضل يرجع لهذا الأخير (أي الأفريقي) في  وصوله لكرسي الحكم في إحدى الدويلات جنوب خط 20 ، (( ويكون في الأغلب راسباً في مادة الحساب ، وخصوصاً جدول الضرب )) هذا الراقد أسفل هذا النصب ، يعرف غالبية القوم من أهل سرت و مصراته وسبها انه ليس بوالده ، إنما مُربيه وراعيه منذ نعومة أظفاره وبالتحديد مذ كان (في اللفـٌة) علي رأى المصريين ، عندما كان ذلك الراقد يعمل في تلك الكنيسة كغفير أو مباشر أو مسئول عن النظافة ، واستلمته عائشة بالنيران زوجة ذلك الراقد ، وتولـٌته بعنايتها وأعطت له اسماً غريباً هو :" اشكلون" (وهو أسم يهودي) ، أما الذين سلـٌموه للكنيسة فلا يزال يكتنفهم الغموض غير أنهم ليسوا بمسلمين ولا ليبيين ، بل يهود، "ولا علم لنا إلا ما علـٌمه الله لنا و التاريخ ، وهو أن والدته كانت تحمل أسم  "مزٌاله أو رزاله " بنت تمٌام، اليهودية ابنة اليهودي التي فرٌت مع "العسكري الإيطالي" الذي لم نتأكد من رتبته إلي ايطاليا * ، واستقرت في مدينة فلورنسا إلي أن وافتها المنيٌة هناك " ..
وكانوا منذ ذلك التاريخ يتسقــٌطون أخباره ، ويبرقونها إلي شخصيات محدٌده وعلي رأسهم مستشار النمسا السابق : برونوكرايسكي الذي ظلٌ
يتتبٌع تحركات هذا اللقيط " اشكلون " حني وصل إلي الجامعة الليبية في بنغازي ، وكان اشكلون قد انتسب إليها في كلية الأداب قسم ((تاريخ)) لكي يقوم بتزويره محلياً وعالمياً لصالحه شخصياً ولصالح اليهود مع مضيٌ الزمن ، وبالفعل حصل الاتصال ، ولم يجد هذا المستشار النمساوي ادني صعوبة في الطلب من حكومة ليبيا ان يرافقه هذا الطالب (النجيب) الذي كان تخصٌصه "مادة التاريخ" ، ويا للمصادفة العجيبة ؛ وأعجب من ذلك ، انه لم يمضي علي قبوله بالجامعة بضعة أسابيع ، وأظنٌه حتى لم يستلم بعد جدول المحاضرات – أقول ليرافقه في جولاته وكأنها (تجوٌلات الجحش الذهبي في ليبيا)* تحت ذريعة وستار البحث والتنقيب عن الآثار ومواقع أثريه بعينها في ليبيا ، وذلك لغرض تنشيط قطاع السياحة في ليبيا والدعاية لها .... ورقصت وزارة السياحة حينذاك طرباً علي هذا اللحن السياحي السياسي النمساوي اليهودي الصهيوني وكأنه من وضع الموسيقار النمساوي "شتراوس" وانسجمت كثيراً معه ووفرت لهذا الزائر الكريم ومرافقه الخبير السياحي والمترجم (القانوني) اشكلون – وذلك لتحقيق إغراضه (السياحية البريئة) براءة والدة اشكلون – مشكورا جداً هو ومرافقه الذي سيكون بعد أقل من خمس سنوات:عقيداً عتيداً باذن الله !!
وهكذا واعتباراً من ذلك التاريخ (1964) انفتحت أول نافذة من نوافذ جهنم علي ليبيا بشكل موارب ، وابتدأ التمهيد لقيام دولة الآثام والشرور و الدفن الجماعي في القبور ، ونهب الثروات وتهريب الأموال وحكم الإذلال وقهر الرجال ، والحقوق المسروقة وسياسة الأرض المحروقة .
-       يوم 29 ابريل 1915 م
            يصادف هذا اليوم من عام ذكرى انتصار المجاهدين الليبيين علي المحتل الايطالي في معركة القرضابيه في نواحي سرت – وذلك بقيادة السيد صفي الدين بن محمد الشريف بن الإمام محمد بن علي السنوسي رحمهم الله جميعاً ، حيث انتصر المجاهدون انتصارا باهراً لا لبس فيه وغنموا من العدو غنائم عجزوا عن إحصائها وحصدها من العٌدة والعتاد والإنعام والزاد لا زالت من بين المعارك التي خاضها المجاهدون وقهروا بها المحتل الغاشم – في ذاكرة التاريخ بل ويؤرخ بها وهي تسمى (معركة بير القرضابيه) .
وفي الذكرى الستين لهذه المعركة أراد الطاغية الاحتفال بها وتخليدها فوجٌه الدعوات لشيوخ سرت و إجدابيا والبريقة وبشر والعقيلة وما جاورها وقام بتكليف من يجٌهز "صوانا" أي ما يشبه الخيمة ، وفناءً رحباً يتسع للفرسان أن يقدموا فيها استعراضات تتناسب وهذه الذكرى !
ومن بين المدعوين كان ذلك الطاعن في السن – ذلك الراقد اليوم أسفل ذلك النصب التذكاري في قرية (بوهادي) في نواحي سرت "محمد عبد السلام أحميد بومنيار القذافي" وهو الأب الافتراضي لشكلاوون الطاغية وطال انتظار الشيوخ للطاغية في ذلك اليوم الذي حضر فيه متأخراً جداً،جداً، جداً ،، وكل الذي فعله بعد ذلك التأخير – الذي طال إلي ابعد مما هو محتمل والذي يبرُره بعض المؤدبين المشهود لهم بالصبر و العفو  قائلين بلغتهم Better Late than never آي أن يصل المرءُ متأخراً خيرً من ألا يصل بتاتا – أقول أن كل الذي فعله بعد وصوله متأخراً هو انه علـٌق علي صدر ذلك الراقد نوطاً للشجاعة والبطولة في الجهاد ، وكشف للحضور وكاميرات التصوير عن ظهر ذلك الطاعن الذي يدٌعي انه أبوه – عن اثر لجرح قديم قال انه نتج عن إشتباكه مع جنود الاحتلال في معركة من المعارك العديدة التي ادعي انه خاضها ضدٌهم !!
ثم ترك المجلس بشيوخه ومجاهديه الحقيقين وغادر ، وعند ذلك قام احد الشيوخ المجاهدين ، وأظنه من قبيلة المغاربة أو زوٌيه أو الفواخر لست اذكر ، ومشى خطوات في اتجاه "بومنيار" وهو اسم الراقد أسفل النصب ، وقال له وهو حانق من جرٌاء الكذب و الافتراه والاستهانة بهؤلاء الشيوخ :- "هذه الرصاصة وإثرها علي ظهرك ليست من فعل الطليان إنما هي من فعل راعي ابل (لعيت) المقريف ، والذي كان قد أطلق عليك النار بعد أن حاولت سرقة حوار (فصيل) من ذلك القطيع ، وحاولت الفرار به ، فاصابتك الاطلاقه في ظهرك فتركت هذا الأثر ، مما يدل علي أن الإصابة لم تكن ناتجة عن مواجهة مع العدو بل عن تولًيك وفرارك بعد أن اكتشفوا فعلتك التي فعلت .
ولا داعي أن يكذب علينا معمر ويكشف لنا عن ظهرك مٌدعيا بأنك كنت مجاهدا ، وان اثر الرصاصة هو الدليل ، ونحن (قعدنا) هنا في انتظاره الساعات الطوال لكي يأتي متأخراً ويزٌين صدرك بالنياشين التي لا تستحقها ويكشف لنا عن (ذيلك) ليقنعنا بتاريخ جهادك ، وهو تاريخ (محاولة سرقتك) ، ثم ينصرف بعد ذلك فوراً دون حتي كلمة مجاملة لنا نحن المجاهدون الحقيقيون وليسوا بالسُرٌاق (لعنة الله عليك أنت ويٌاه) .
وهكذا أنفض الحفل وانكشفت الحقيقة الفضيحة الكذبة الكبرى والفرية التاريخية ..
وإلي لقاء في الحلقة القادمة التي تبدأ بالقول ( وعوداً علي بدء وأنت أتيا من شرق بنغازي ومولياٌ ظهرك لضريح شيخ الشهداء .... الخ)
* قبيل هزيمة المحور العام 1942
*عنوان كتاب للمرحوم الدكتور علي فهمي خشيم – عن آثار ليبيا

 

الثلاثاء، نوفمبر 29

جديد الوطن ( حصريا )

فقرات من كتاب تحت الطبع للآستاذ : 

جادالمولي سعد عبدالهادي 

بعنوان

(( تذكرة الاحفاد  بمآثر الأجداد ))

صفحات كانت مطوية من تاريخ بلادنا المجيد
توثيق تاريخي معزز بوثائق
لم يسبق نشرها

سيتم نشرها حصريا فقط في
ابجدية الوطن  قريبا

متابعات صحفية

 التغيير بطرابلس بعد القذافي



رصد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز بعض أوجه التغيير التي طرأت على العاصمة الليبية طرابلس بعد الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي.
وقالت الصحيفة إن طرابلس لم تعد عاصمة لدولة "بوليسية"، لكنها في غضون أسابيع أصبحت تبعث على البهجة والقلق في آن واحد.
فقد أصبح تجار الحشيش يروِّجون لمنتجاتهم في وسط المدينة بساحة الشهداء التي كانت تعرف بالساحة الخضراء في عهد القذافي.
...
وبما أن تجارة الكحول والمخدرات كانت محظورة قانونيا، فإن نشاط المروجين في حي قرقارش بالعاصمة لهذه المواد كان في السر.
كما أن سائقي السيارات لا يتوانون في اجتياز الإشارة الحمراء، مما رفع عدد الإصابات الناجمة عن الحوادث إلى ثلاثة أضعاف.
أما عناصر المسلحين غير المنظمين الذين حلوا محل شرطة العاصمة فما زالوا يظهرون سوء الانضباط في ما يتعلق بأسلحتهم، فيطلقون النار عشوائيا وبشكل متكرر.


وبينما كانت النوافذ المعتمة للسيارات محظورة في العهد السابق، عمد معظم السائقين إلى وضع ملصقات خضراء داكنة اللون على النوافذ للوقاية من الشمس، وباعتبارها أيضا مؤشرا على الحرية.
وفي حين كان يحظر على بائعي الفواكه والخضار بيع منتجاتهم على جوانب معظم الشوارع، فإنهم يتسببون هذه الأيام بازدحامها لبيع الموز والبرتقال وينتشرون في كل مكان.
نيويورك تايمز: بعض المسلحين لا يظهرون الانضباط باستخدام السلاح (الجزيرة)
الإنجليزية والحرية
وأصبحت اللغة الإنجليزية -التي كان يحظر استخدامها في كتابة اللافتات العامة- شائعة رغم أن معظم الليبيين لا يفهمونها.
وتقول الصحيفة إن تلك اللافتات تعد مؤشرا آخر على الحرية، وكذلك على استعداد البلاد للانفتاح على العالم الخارجي.
وتشير إلى أن معظم سكان طرابلس يقولون إنهم لم يشعروا بهذه السعادة من قبل، لكنهم يقرون بأن ثمة بعض القلق.
وتنقل نيويورك تايمز عن سارة أبو الحر -وهي طالبة في كلية الحقوق بجامعة طرابلس- قولها إن الناس لا يفهمون معنى الحرية
وتضيف سارة أن "الناس يعتقدون بأن الحرية هي أن تفعل ما تشاء، ولكن الحرية هي أن يحترم الجميع احتياجات الآخرين. الحرية لا تعني تجاوز الخطوط".
وتعرب الطالبة الجامعية عن قلقها من أن العديد من زميلاتها خلعن الحجاب في العهد الجديد.
أما كبير الممرضين في مستشفى طرابلس المركزي عثمان عبد الخالق -وهو سوداني الجنسية- فيقول "إنه بلد جديد، والناس هنا يشعرون بالسعادة لأنهم يستطيعون الآن التعبير بحرية".
الرشوة والسرقة
وبينما كانت الرشوة أهم مصادر الدخل لشرطة المرور في عهد القذافي، فإن هذه الآفة قد تلاشت "على الأقل حتى الآن".
وبينما يقول سكان العاصمة إنهم لم يعودوا يشعرون بخطر المشي في الشوارع، يؤكد التجار أنهم لا يخشون السرقة.
ويقول صادق خليل، وهو صاحب محل للمجوهرات "الذين قاتلوا من أجل بلادهم لا يتحولون إلى لصوص ويسرقون المتاجر".

من ارشيف الوطن

كتابات من الوطن


دعــوة مــــلحـة
لأعادة تنظيم نقابة المحاسبين والمراجعين
بقلم : محمد بشيرالبرغثي
محاسب ومراجع قانوني
 من بين أهم الشعارات اتي أطلقها المجلس الوطني الإنتقالي في بدايات ثورة السابع عشر من فبراير تبني الشفافية واعلان الحرب على الفساد ، وذلك أمر طبيعي فالفساد المالي والإداري الذي سرى الدم في كافة أجهزة الدولة المنتهية وإداراتها كان في الواقع واحداً من بين أهم عوامل استفحال التذمر بين مختلف طوائف المجتمع وهو تذمر لم يكن له من بدٍّ إلا أن ينفجر في ثورة شعبية عارمة سيظل أوارها متقداً إلى أن يُوأد الفساد وتسود الشفافية ، لكن المجلس فيما يبدو لم يتنبَّه إلى أن من بين أهم الأدوات التي كان لها فضلٌ كبير في كشف الفساد ووضعه بشفافية ووضوح أمام أجهزة الدولة الموؤدة هم المحاسبون والمراجعون القانونيون الشرفاء الذين أفصحوا في تقارير فحصهم لحسابات بعض الجهات الإعتبارية ذات الأثر الكبير على مختلف قطاعات المجتمع فلو كان المجلس أدرك أهمية هذا الدور المرموق لما كان غيَّب قطاع المحاسبين والمراجعين عن عديد المهام التي تهتم بمحاربة الفساد وتفعيل الشفافية ، بل الأكثر مدعاةً للأسف أن يصدر قرار المجلس الوطني الإنتقالي رقم 12 في 29/03/2011 بتجميد أنشطة جميع النقابات والروابط والإتحادات المهنية من دون أن يستثني أيّاً منها ، وذلك ما تضمنه كتاب السيد رئيس المجلس الوطني الإنتقالي رقم 11/66/2011 المؤرخ في 11/04/2011 إلى أمناء ورؤساء النقابات والروابط والإتحادات المهنية الذي أكَّد فيه بوضوح تجميدِ أنشطة جميع النقابات والروابط والإتحادات المهنية التابعة لما كان يسمى مؤتمر الشعب العام وحظرِ تصرف إدارات النقابات والروابط والإتحادات المهنية في ما لها من أموال مُجيزاً لأعضائها تكوين جمعيات مهنية مؤقتة .

ولئن كان بعض الزملاء في العاصمة بادروا إلى الدعوة إلى تكوين تجمعٍ مدني بديل في مسعى مخلصٍ منهم للحفاظ على وجود المهنة وتصحيح مسارها فما أراه أن نقابة المحاسبين والمراجعين باقية وإن لم ترد الإشارة إلى ذلك في قرار المجلس ،

ذلك أن قرار المجلس وإن نص على تجميد أنشطة جميع  النقابات والروابط والإتحادات المهنية التابعة لما كان يسمى مؤتمر الشعب العام فإن نقابة المحاسبين والمراجعين ليست من بين هذا الجميع  المشمول بقرار التجميد فقانون تأسيسها كان سابقاً على صدور إعلان قيام ما كان يسمى سلطة الشعب سنة 1977، كما أن أموالها هي أموالٌ خاصة تكونت من حصيلة اشتراكات أعضائها ولا تتضمن دعماً أو إعانة من خزانة الدولة ، وفضلاً عن ذلك فإن القانون رقم 23 لسنة 1998 بشأن النقابات والإتحادات والروابط المهنية لم يتعرض لا من قريبٍ ولا من بعيد إلى قانون إنشاء نقابة المحاسبين والمراجعين لا بالتعديل ولا بالإلغاء ، كما أن عديد القوانين النافذة التي صدرت لاحقاً لصدور القانون رقم 23 لسنة 1998 بشأن النقابات والإتحادات والروابط المهنية تضمنت إشارات صريحة إلى أهمية ودور المحاسب والمراجع القانوني عضو نقابة المحاسبين والمراجعين الليبيين ، فالقانون رقم 1 لسنة 2005 بشأن المصارف أوجب بنص المادتين 82 و83 منه ، أن يَعهَدَ كلُّ مصرفٍ (متخصصاً كان أم تجارياً) بفحص حساباته سنويّاً ، إلى مراجعَين قانونيَّين ، تختارهما الجمعية العمومية للمصرف من بين المقيدين في جدول المحاسبين والمراجعين المشتغلين المقيدين في سجل مكاتب المراجعة القادرة على مراجعة وفحص حسابات المصارف ، والقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن ضرائب الدخل أوجب في المادة 49 والمادة 71 منه أن تُقدِّم الشركات الوطنية وكذلك فروع الشركات الأجنبية في ليبيا أياًّ كان نوع نشاطها أو غرضها إقراراً بدخلها السنوي مُعتمداً من محاسب ومراجع قانوني مُقيد في جدول المحاسبين والمراجعين الليبيين المشتغلين ، كما أن القانون رقم 23 لسنة 2010 بشأن النشاط التجاري ألزم في المادة 18 منه جميع الشركات المنظَّمَةِ بأحكامه بأن تُعيِّن مراجع حساباتٍ خارجيٍّ أو أكثر من بين الأشخاص المرخَّص لهم بممارسة مهنة المحاسبة والمراجعة ، وورد في المادة المشار إليها أنه " يُعتبر التقرير الصادر عن مراجع الحسابات الخارجي وكذلك الميزانية والحسابات الختامية المراجعَةِ من قبله صحيحاً وحجةً أمام الغير إلى أن يثبت العكس." وهكذا ، وباختصار ، فإن القوانين النافذة أوجبت أن تتم مراجعة حسابات المصارف والشركات الوطنية وفروع الشركات الأجنبية من قبل محاسب ومراجع قانوني ليبي من بين المقيدين في جدول المحاسبين والمراجعين المشتغلين لتكون لها الحجية القانونية كما اشترطت لقبول إدارة الضرائب إقراراتها بدخولها الخاضعةِ للضريبة أن تكون معتمدةً من قبل محاسب ومراجع قانوني ليبي من بين المقيدين في جدول المحاسبين والمراجعين المشتغلين.

ولئن حُقَّ لنا أن نفاخر نحن المحاسبين والمراجعين الليبيين بأن نقابة المحاسبين والمراجعين هي أول تنظيمٍ مدني صدر في شأن تكوينه قانون خاص هو القانون رقم 116 لسنة 1973 بشأن تنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة في ليبيا ، فإننا نعلم أن هذه النقابة ليست مجرد كيان يجمع شمل ممتهني مهنة المحاسبة ومراجعة الحسابات ويُعنى فقط برعاية حقوقهم وبيان واجباتهم وتنظيم سلوكهم وتأديبهم بل هي المهنة الفعالة حقاً في حماية المال العام والخاص ، وحاجة المجتمع إلى خدمات هذه النقابة تفوق حاجة منتسبيها إليها ، ولذلك ، ولئن كنا على قناعة بأن هذه النقابة موجودة ، فإن ضمان استمرار وجودها لا يعنينا نحن أعضاؤها فقط ، فعديد الجهات التي يهمها تأكيد مصداقية وعدالة ووضوح ومطابقة البيانات المالية الختامية التي تُقدم إليها للتشريعات النافذة ، ومن بينها على سبيل المثال وليس الحصر ؛ مصرف ليبيا المركزي وشركة سوق الأوراق المالية وإدارة الضرائب ، جميعهم معنيون كذلك بالتأكيد على استمرار وجود هذه النقابة بل ومتابعة تفعيل دورها .

لا أجادل في مسألة وجود النقابة رغم عدم استثنائها من قرار التجميد ، وأرى أنه مما لا اختلاف عليه أن هذه النقابة بحاجة إلى إعادة بناء قيادتها على نحوٍ يؤمل معه مستقبلاً مباشرتها مهامها وأدائها دورها المنوط بها تجاه أعضائها وكذلك تجاه المجتمع ، والخطوة الأولى في عملية إعادة البناء تبدأ من انتخابِ مجلسٍ لإدارة النقابة ذلك أن الأمانة العامة الحالية عدا عن كونها تم اختيارها على غير السياق الذي نص عليه قانون إنشاء النقابة تنفيذاً لتعليماتٍ وتوجيهاتٍ صدرت عما كان يُسمى أمانة مؤتمر الشعب العام فإنها تعتبر منتهية عملياً بفعل ثورة السابع عشر من فبراير سواءٌ صدر قرار المجلس الوطني الإنتقالي بذلك أم لم يصدر وحتى بفرض شرعية وجود هذه الأمانة فهي ليست المجلس الذي أوكل إليه القانون إدارة النقابة

علينا إذن ، نحن أعضاء هذه النقابة ، أن نعدَّ العدة للإجتماع في هيأة جمعية عمومية تمارس دورها بديمقراطية وحيوية وشفافية لانتخاب مجلسٍ للنقابة يتمتع أعضاءه بالحرية ولا يقبلون الوصاية عليهم ولا يطلبون الرعاية من أي جهة اعتبارية أو طبيعية بما يكفل لهم التعبير بمنتهى الأمانة عن رأيهم فى مدى تعبير البيانات المالية التي يقومون بمراجعتها بعدالة ووضوح عن المراكز المالية للوحدات الإقتصادية التي روجعت من قبلهم وعن نتائج نشاطها ومدى مطابقة عمليات تلك الوحدات للقوانين النافذة.

الأحد، نوفمبر 27

أحبة من الوطن

حصريا :( ابراهيم امنينة ) ذاكرة الايام



ذاكرة الأيام – 14

وامستنصراه !!
 بقلم: ابراهيم السنوسي امنينة

 الحلقة الخامسة والاخيرة  من تاريخ إخواننا الأمازيغ 
  دخول بنو هلال وبنو سليم برقة : نحو 443 هـ 1050 م :
  كانت قبائل هلال وسليم تقطن بجزيرة العرب حتى مضى الصدر الأول من الدولة العباسية، وكانوا بأرض الحجاز ونجد، ثم تحول بنو سليم وكثير من بنى هلال بن عامر إلى البحرين وعُمان وصاروا جنداً للقرامطة.
  ولما انتصرت القرامطة على بلاد الشام ظاهرهم على ذلك بنو سليم وبنو هلال   وبعد احتلال الدولة الفاطمية لمصر غزت الشام وانتزعته من القرامطة وطردوهم، فرجعوا على أعقابهم إلى البحرين، وبقى بنو سليم وبنو هلال بالشام فنقلهم الفاطميون إلى صعيد مصر في العدوه الشرقية من النيل فأقاموا بها مدة طويلة . 
  خروج المعز بن باديس على الدولة الفاطمية :
  كان للدولة الفاطمية والي بتونس ونواحيها يدعى المعز بن باديس تولى إفريقيا (تونس) سنة 406 هـ 1036 م، وقد حصل بينه وبين الخليفة الفاطمي المستنصر بالله جفاء بسيط .
  لكنه أخذ في الزيادة حتى أظلم الجو بينهما فقطع ابن باديس الخطبة باسم المستنصر الفاطمي وأحرق أعلامه وبنوده ومحا اسمه من السكة والطرز ودعا باسم الخليفة العباسي حينئذ وهو القائم بأمر الله ونشر الرايات السود (أي العباسية) .
  ولما بلغ ذلك الخبر المستنصر الفاطمي قامت قيامته، وفاوض وزيره ومستشاره أبا محمد الحسن بن على اليازورى واصله من فلسطين، وكان أبوه فلاحاً بها، في أمر ابن باديس فأشار عليه بأن يسّرح له العرب المتواجدين شرق النيل، وأن يستميل قلوبهم بالهدايا ويتفاهم مع مشايخهم ويوليهم البلاد، فإن غلبوا ابن باديس كانوا أعوناً للدولة وحكاماً بها وإن كانت الأخرى فلها ما بعدها، فوقع ذلك من الخليفة موقعاً عظيماً، وأرسل وزيره إلى أحياء العرب وأجزل لأمرائهم العطاء ووصل عامتهم ببعير ودينار لكل واحد منهم وأباح لهم إجازة النيل وقال لهم :
قد أعطيناكم الغرب وملك ابن باديس العبد الآبق فلا تنتقرون بعد ذلك أبداً. وكتب وزير المستنصر إلى ابن باديس متوعّداً قائلاً : أما بعد، فقد أنفذنا إليكم خيولاً فحولاً، وأرسلنا عليها رجالاً كهولاً ليقضى الله أمراً كان مفعولاً. واستعد العرب للرحيل وعبروا النيل إلى برقة فنزلوا بها وفتحوا أمصارها وأعجبتهم طبيعتها وراق لهم مناخها فكتبوا إلى إخوانهم الذين بقوا شرقي النيل يرغبّونهم في البلاد فالتحقوا بهم في برقه. ولما وصل العرب إلى برقه وجودها خالية لآن ابن باديس قد أباد أهلها.
 صدام العرب مع  المعز بن باديس:
  لما بلغ المعز بن باديس نبأ العرب اشترى العبيد وجمع البربر حتى بلغ العدد ثلاثين ألفاً، ثم سار العرب نحو ابن باديس تحت لواء قائدهم مؤنس بن يحي من قبيلة بنى مرداس وجمع أمراء العرب وتوجهوا إلى المعز بن باديس ولدى وصولهم حاول إغراءهم بالاحتفاء بهم لكنهم أظهروا له العداء وجاهروه بالنيّة في المحاربة، وحيث أن المعز لم يرى مناص له من الحرب جمع عسكره وجنّد جيشه وكانوا ثلاثين ألفاً من الفرسان ومثلها من المشاة وسار من دار الحكمة وهي "صبراتة" قاصداً القيروان وكان عدد العرب ثلاثة آلاف فارس فلما رأوا كثرة عساكر صنهاجه والعبيد مع المعز هالهم ذلك وعظم عليهم فقال لهم رئيسهم مرادس المذكور : ما هذا اليوم يوم فرار، اليوم يوم العينين.. والتحم الجيشان واشتد القتال وكان ذلك في سنة 446 هـ فانهزمت صنهاجة وتركوا المعز مع العبيد فثبت المعز والعبيد حتى قتل منهم خلق كثير ثم انتقل إلى القيروان مهزوماً على كثرة عدته وعدده، فأخذ العرب الغنائم التي تركها جيش المعز المكونة من خيول وخيام وما فيها وانسحبوا بعد هذه الموقعة واحتلوّا طرابلس في هذه السنة (446 هـ) وبعد انتهاء هذه الموقعة قال الشاعر على بن رزق الرياحى :  
وأن ابن باديس لا حــــزم مالك  \ لكن لعمري ما لديه رجال
ثلاثة آلاف – لنا – هزمت له  \ثلاثين ألفاً إن ذا النكـــال
ولما وصل المعز بن باديس القيروان مهزوماً أحاط نفسه بسور وجمع يوم المنحر (العيد الأضحى) سبعة وعشرين ألف فارس وهجم على العرب وهم في صلاة العيد فركب العرب خيولهم وحطوا على جيش ابن باديس فانهزمت جموعهم وقتل منهم عالم كثير، ثم كرّر المعزّ مرّة أخرى جمعه وهجومه وخرج بنفسه في قبائل صنهاجه وزناتة وانهزم في هذه المعركة أيضاً .
  على أثر هذه المعارك استولى العرب على القيروان وضواحيها بعد مرور حوالي ثلاث سنوات على نشوب هذه الحرب، ولم يكن أمامهم مانع في اجتياح بقية البلاد، فتقدم العرب في البلاد ولم يكن يقف أمامهم ما يستحق الذكر. وهكذا صاروا يفتحون البلد تلو الأخرى حتى وصلوا إلى مراكش، ولقد تحضّر نسلهم فصار له فضل ومزيّه في الحضارة المغربية.
  وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم يا إخواننا الأمازيغ البربر، حيث امتزج العرب بكم فعرّبوا لسانكم وسهّلوا امتزاج الأمتين في بعضهما وكملت بهم الوحدة الإفريقية ونشروا الأدب العربي، وكان لقدومهم أثراً اجتماعياً عظيماً صبغ البلاد صبغة عربية بعد أن كانت عجمية، وانتهى بذلك تاريخ البربر وثقافته واندثر باندماجه وانصهاره في العرب ديناً ولساناً وثقافة منذ القرن الحادي عشر الميلادي (1050 م).
  وهكذا فالفضل كل الفضل فيما حدث من تغيير لوجه أمة بكاملها وبعودة أمة كانت ضالة منطوية متقوقعة لا تعرف أين تذهب وماذا تريد ثقافتها الانفصال وشن الحروب والتوسع والخراب، مرضها الزهو بالذات، مشكلتها النرجسية والأنا- بدون مقومات.
وأنا أقول شكراً للمستنصر بالله الفاطمي، ويا ليته يبعث من جديد.
     وبغض النظر عما تقدم وعن أهلية الخطيب وصلاحية ومنطقية الخطاب فإن الظرف الذي تمّر به ثورتنا غير مناسب لطرح هذه الطروحات فيكفينا ما يطرحه ويفعله بنا ويختلقه من فتن البعض من إخواننا الذين يحملون السلاح ويديرون المعارك في الجبهات، ويقودون الجند ويوجهونهم، ذلك البعض له مصدره وربّما قيادته إما خارج البلاد أو ممن يلبسون الطواقي البيض و "الفرامل" ويظهرون على شاشات قنوات التلفاز المتربصة، من أجل التنظير والتبشير والتبرير والتغرير أيضاً-
  أقول أسألكم بالعزيز المقتدر الذي لا سؤال لغيره أن تكفوّا عن هذا الهرج والمرج الذي لا فائدة ترجى من ورائه بل على النقيض فإنكم فقط تثلجون به صدور أعداء الجميع الذين لا يزالون على قيد الحياة بل ولا يزالون يقاتلونكم ولو من وراء جدر، ورحم الله زماناً لم يكونوا ينتسبون فيه ببنت شفه لتحتجّوا أو حتى لتطرحوا أفكاراً أو نظريات، فبالله عليكم ماذا قلتم وماذا فعلتم عندما قام الطاغية المدمّر يوم 15 إبريل عام 1973 بإلقاء الخطاب "التاريخي" بالنسبة لكم حيث غيرّ اسم (زواره) إلى "النقاط الخمس" وبموجب هذه النقاط الخمس، كان قد مسح ليبيا وليس زواره فحسب من على وجه التاريخ وذلك بإلغاء دستور وقانون وشرعة حياتها واستبداله بشرعة اخترعها هذا الطاغية ابن السَّفاح وهي أبشع وأضلّ من شرعة الغاب بل الغاب أرحم، وبذلك فقد قتل حاضرها وغمط ماضيها وانهمك مع أتباعه ومريديه في تدمير مستقبلها وإفساده بل وإلغائه .
انتبهوا يا أخوتي ... فإن البعض في الداخل والخارج يسعى إلى تقسيم ليبيا طوائف وأطياف وشرائح وملل لا طاقة لهذا الشعب بتحمل نتائجها ولا خير يرجى من ورائها، فكل الظواهر الحادثة اليوم تشير وسوف تؤدي إلى ذلك لا قدّر الله، "وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين" فلا تحزنوا ولا تهنوا حتى وإن حدث ذلك، فقد كانت كذلك فيدر إليه اتحاديه بإرادة الاستعمار الغربي من إيطاليين وانجليز وأمريكان وفرنسيين وروس وحتى باكستان*. انضمّت إليهم من الداخل فئة "ضالّة" يحفظ التاريخ أسماءها في سجل أسود، كانوا لا يريدون الوحدة- بل يحبذوّن الانفصال وكانوا قد مّهدوا لذلك أيام الاحتلال الايطالي وذلك في المؤتمر الذي عقد في مدينة القصبات عاصمة مسلاتة في الجامع الكبير المعروف بجامع المجابرة- يوم السبت 13 صفر 1333 هـ الموافق 16 نوفمبر 1918.
بسم الله الرحمن الرحيم "وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها. وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون"
 (الأنعام 123)
" وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون" (يوسف 102)
"ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون" (النمل 127)
"أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون" (الأعراف 99)    
صدق الله العظيم
 أقول جعلوها أعداء الأمة في الداخل والخارج "فيدرالية" أي اتحادية، لردح من الزمن، ثم أعادها سيرتها الأولى بمشيئة الله سيدي محمد إدريس السنوسي رحمة الله عليه في نوفمبر 1963 أي بعد اثنتي عشر عاماً من الانفصال- دولة موحدة بإذن الله، ولو كره الكافرون، وإن شاء المشاءون بنميم في الداخل قبل الخارج أن تكون مقسمّة كما كانت فهي بإذن الله أيضاً ودائماً ستعود موحّدة صامدة من جديد "وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين"
صدق الله العظيم (آل عمران 140)
  وأختم القول :
 بسم الله الرحمن الرحيم
 "يأيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم "                                                              صدق الله العظيم (الحجرات-49)           
    وبهذا ننهي حلقاتنا الأربع للتعريف بحكاية وتاريخ إخواننا الأمازيغ وهي مهداة إلى الأخ المتشدد الموتور الذي يحمل لواء الانفصال عن الوطن الأم الذي أكرمه وآواه وقت الشّدة وهداه إلى دين الإسلام بعد ارتداد أجداده أمثال كسيله والكاهنه الداهية وغيرهم . 
المراجع :
1-    المقدّمة – لابن خلدون
2-    السبك الحديث في تاريخ برقه : تأليف الشيخ محمد السنوسي الغزالي
3-    التذكار- لابن غلبون
4-    المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب
5-    نهاية الأدب – النويري
6-    تاريخ الفتح العربي – أحمد الزاوي

متابعات صحفية

حصريا :( ابراهيم امنينة ) ذاكرة الايام

ذاكرة الأيام –
14
وامستنصراه !!
بقلم : ابراهيم السنوسي امنينة
 الحلقة الرابعة  من تاريخ إخواننا الأمازيغ 
ويروى لنا التاريخ ما يلي :
  لما كانت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجّه جيشاً بقيادة عمرو بن العاص وفتح مصر والإسكندرية ثم سار ذلك الجيش إلى برقة سنة 21 هجرية فصالح أهلها على جزية يؤدونها ولم يقع حرب في برقة ولم تفتح عنوة ثم سار ذلك الجيش إلى طرابلس وحاصرها شهراً.
  وكان يحيط بها سور يمنع المهاجم من دخولها، فانضم ماء البحر في بعض الأيام وانكشف السور من جانب البحر (بتأثير عملية المد والجزر) وشاهد بعض المسلمين ذلك المكان فدخل البلاد من بين البحر والسور سبعة نفر يرأسهم رجل من بنى "مدلج" فلم يكن للروم ملجأ إلا سفنهم وارتفع الصياح في المدينة فأقبل جيش المسلمين فدخل المدينة ولم يفلت الروم إلا بما خفّ في المراكب ثم عطف جيش المسلمين على مدينة صبراتة فهجم جيش المسلمين على المدينة واقتحموها عليهم وفتحوها عنوة، ولما انتهى جيش المسلمين من احتلال طرابلس وصبراتة رجعوا إلى برقة واشترط عمرو بن العاص على أهلها ثلاثة عشر ألف دينار جزية وكان أكثر سكان برقة حينئذ من "لواته" وسكان أهل طرابلس وصبراتة من نفوسه وكلتا القبيلتين من "البتر" ولم يحصل منهما في ذلك الفتح إسلام !
   ثم جاءت خلافة عثمان بن عفان، وغزا عقبة بن نافع إفريقيا يعني تونس وما جاورها وصالحه أهلها ولم يستطع التوغل في المغرب لما بلغه من كثرة أهله وشدّة بأسهم وعدم وجود الجيش الكافي معه فرجع نحو المشرق ينتظر المدد من الخلافة .
  وكان عبد الله بن ابى سرح قد استأذن الخليفة عثمان في الخروج إلى إفريقيا (تونس) فاستشار عثمان الصحابه فأشاروا بذلك وجّهز جيشاً من العسكر من المدينة المنوره كان من بينهم الحسن والحسين رضي الله عنهما وجماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وابن عمرو بن العاص وابن جعفر وابن الزبير رضي الله عنهم، وكان ذلك في العام 26 هـ ، فالتقوا بعقبة بن نافع ومن معه من المسلمين في برقة وساروا معه إلى تونس واحتلّوها وبنى فيها أو بالقرب منها عقبه بن نافع مسجد القيروان وعاد إلى الشرق.
  عندما استقر الحكم لبني أميّه وتوقف الاضطراب، رجع عقبه إلى القيروان، وكان البربر قد نكثوا العهد في مدته الأخيرة فغزاها بعد رجوعهم عن الإسلام ودوّخ جميع البلاد وخضع له جماعة البربر ولم يزل كذلك إلى أن وصل المحيط الأطلسي ودخل فيه بفرسه ودعا دعاءه الشهير الخالد، ثم كرّ راجعاً وأرسل جيشه أمامه ولم يبق معه سوى ثلاثمائة صحابي، وكان يظن بعد فتوحاته أن البلاد استكانت.
كسيله يستعد للكرّ على المسلمين :
   لما رأى كسيله عظيم البربر ووصله نبأ قلّة الجيش الذي مع عقبة بن نافع فإنه جمع البربر وربط الطريق لعقبة والتقى الجمعان في مكان يسّمى "الزاب" وكان ذلك في العام 62 هـ فثبت المسلمون وقاتلوا كالأبطال ولم يتزعزعوا حتى استشهد أكثرهم واتّخذ بعضهم أسيراً، ومدافن أولئك الشهداء في أرض الزاب معروفه لهذا اليوم وقد جعل على قبورهم "أسّنة" ثم "جصّصت" أي طُليت بالجير أو الكلس واتخذ من المكان الذي دفن فيه عقبة ومن معه مسجداً عرف باسم مسجد عقبة، وهو في عداد المزارات ومظانّ البركات، أما الأسرى فقد فداهم ابن "مصاد" صاحب قفصه، وبعث بهم إلى القيروان .
  بعد انتصار كسيله في الموقعة المتقدمة عزم على غزو القيروان فبلغ ذلك المسلمين وعقدوا مجلساً لأخذ الرأي فقال زهير البلوي :
يا معشر المسلمين قد دخل أخوانكم الجنةّ فاسلكوا سبيلهم أو يفتح الله عليكم، عند ذلك خالفه حنش بن عبد الله الصنعاني قائلاً بأنه لا طاقة للمسلمين بما داهمهم من جيش كسيله، وأن النجاة بالمسلمين أولى ونادى في الناس بالرحيل فرحل معه الكثير وبقى زهير في أهل بيته إلى أن اضطر إلى الخروج، وسار الجميع إلى برقة وأقاموا بها مطلّين على المغرب ينتظرون المدد من الخلفاء وكانت الخلافة أيامها في اضطراب بين بنى اميّه، فانتظر زهير سبع سنين في برقه (درنة بالأحرى) حتى تم الأمر لعبد الملك بن مروان فبعث بالمدد والجيش إلى زهير بن قيس بمكانه في درنة وفوضّ إليه ولاية إفريقيا (يعني تونس وما جاورها) وفور وصول هذا المدد من العسكر سار به زهير إلى القيروان عام 69 هـ .
 دخول زهير ومقتل كسيله في القيروان :
   التفى الجمعان واشتد القتال والطعن والنزال بين جيوش كسيله وزهير، حتى يئس الناس من الحياة واستمرت تلك الحال معظم ساعات اليوم ثم نصر الله المسلمين وقتل كسيله وجماعة من أعيان جيشه وتفرقت جموعه. وعاد زهير للقيروان ولما رأى أن الوضع بإفريقيا قد استقر وأصبح آمناً ومنيعاً، ترك بالقيروان عسكراً من المسلمين وهم آمنون وتوجه إلى الشرق قاصداً مكان الخلافة .
 استشهاد زهير:
   لما علم الروم ذهاب زهير إلى تونس اغتنموا الفرصة وخرجوا في مراكب كثيرة وقوة عديدة من جزيرة صقيلة وأغاروا على برقة فأصابوا منها سبياً كثيرا فقتلوا ونهبوا ووافق ذلك قدوم زهير من تونس إلى درنة. ولما وصله نبأ احتلال الروم لبرقة أمر عسكره وكانوا قليلا فأسرعوا في السير إلى الروم ورحل هو ومن معه.
  كان الروم خلقاً كثيرا، فلما رأى المسلمون زهيراً استغاثوا به فتقدم وباشر القتال بنفسه واشتد الأمر وعظم الخطب وتكاثر الروم على المسلمين فقتلوا زهيراً وأصحابه ولم ينج منهم أحد وعاد الروم بما غنموا إلى القسطنطينية (تركيا) حيث كانوا يحكمون هناك، وكان استشهاد زهير ومن معه سنة 76 هـ .
  وقال السيد محمد كبير المكاوي أن زهيراً ومن معه نزلوا لقتال الروم في مدينة درنة من العقبة الشرقية ولا تزال قبورهم تعرف الآن بقبور الصحابه ويوجد ضريح خاص بزهير القائد وتقع هذه القبور في محلة بو منصور في مدينة درنة. كان هذا        في العام 76 هـ .   
  وقد أثر على عبد الملك بن مروان موت زهير وحزن حزناً عظيماً.
 أما البرابره الذين تركهم زهير خاضعين فقد ارتدوا ونكثوا العهد وقادتهم امرأة تدعى الكاهنة داهيه التي غضبت غضباً شديداً لموت كسيله وهجمت يجيش كثير من البرابره (أي الأمازيغ) على تونس وما جاورها وفعلت بأهلها أقبح الأفاعيل وظلمتهم الظلم الشنيع ونال من بالقيروان من المسلمين أذى فوق التصوّر، فلما بلغ ذلك عبد الملك بن مروان أرسل إلى إفريقيا أي تونس حسّان بن النعمان، ومعه جيش كبير سار قاصداً الكاهنه. وتقابل العسكران واقتتلا قتالاً مريرا انهزم فيه المسلمون وقتل منهم عدد كثير وعاد حسان منهزماً ببعض جيشه الذي نجا من تلك المعركة واستقر ببعض النواحي في برقه وابتنى قصوراً بغربي خليج سرت (بالقرب من مصراتة) لا تزال للآن تدعى "قصور حسان"
مقتل داهيه الكاهنه :
   لما وصل خبر انهزام جيش المسلمين أمام جيش الكاهنه أعدّ عبد الملك بن مروان جيشاً كثيفاً وأرسله إلى حسّان سنة 77 هـ وأمره بقتال الكاهنه، وعندما انسحب حسان من برقه بجيشه وتوجّه صوب المغرب أخذت الكاهنه في حشد الجنود وتهيأت للقتال .
  وأول عمل شرعت فيه هو تحطيم المدن والقرى وهدمها وقالت أن العرب لا يرغبون إلا الغنائم فإذا لم يجدوا مدناً يأوون إليها رجعوا عنها. ومما قيل إنها هدمت في ذلك العمل مائة ألف مدينة وقرية.
  وكان المغرب قبل ذلك كله متصّلاً بالمدن والزراعة فخرّبته جميعاً قبل وصول جيش المسلمين (تماماً كما بث الطاغية مناطق البريقة وما جاورها والجبل الغربي عشرات الألوف من الألغام المضادة للأفراد قبل وصول المشاة من جيش التحرير وكان ضحاياه الجرحى بالآلاف)*.
  تقدم حسان بجيشه متقابلاً بجيش الكاهنه، أفضى بعد قتال شديد إلى انهزام جيش الكاهنه وقتلت في هذه الموقعة.
  رجع حسان بعدها إلى القيروان أو عاد من فوره إلى دار الخلافة واستخلف على تونس رجلاً اسمه أبو صالح .
ما زلنا بصدد الحديث عن الأمازيغ وأصولهم ونشاطاتهم خلال زهاء ثلاثة قرون : 
 وفي تطور ذلك قامت الدول الفاطمية – أثناء وجود الدولة العباسية – وقيام هذه الدولة أي الفاطمية إن دل على شيء فإنه يدل على قرب نهاية دولة العرب لأن الأمة التي تنقسم على نفسها يكون في ذلك علامة على قرب نهايتها، وأول من قام بتفرقة المسلمين هم بنو أميّه لكنهم وسّعوا رقعة الإسلام .
  وأول القائمين بها في المغرب سنة 297 هـ هو عبد الله بن المهدي، وقال النسابون :  هو محمد بن عبد الله بن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد بن محمد بن على بن الحسين بن ابى طالب. وقد أرسل عبد الله المهدى ابنه أبا القاسم  سنة 301 هـ لفتح مصر فاستولى على برقه وملك الإسكندرية والفيوم وصار في يده أكثر البلاد فسيّر له المقتدر العباسي أحد قواده، مؤنس، فهزمه وأجلاه عن مصر.  
  ولما ارتقى المعز لدين الله الفاطمي أريكة الحكم بالمهدية (بتونس) عام 349 هـ، أرسل أحد أشهر قواده، جوهر الصقلّى وجرد له جيشاً يزيد على مائة ألف محارب من شجعان كتاعه عام 358 هـ ومعه 1200 صندوق من المال. وعند مرور جوهر القائد بطرابلس وهي حينئذ تابعة لتونس- قابل الطرابلسيون القائد جوهر بأعظم تبجيل وأوفر إكرام، فأهداهم ناقة محمّلة بالنقود فاختار الطرابلسيون بناء مسجد بذلك المال تخليداً لذكرى القائد الكبير وسمّوه مسجد الناقة ولا يزال معروفاً بهذا الاسم .
  ولما وصل جوهر القائد إلى برقه أخذ معه قبيلة زويله من برقة. وحسب ما جاء في نهاية الأرب لصاحبه النويري :
زويله هم أهل برقه ومنهم الطائفة التي دخلت مصر صحبة القائد جوهر وهم المعزى إليهم باب زويله وحارة زويله بفتح الزاء واللام – بالقاهرة . وخط جوهر الصقلى مدينة القاهرة والجامع الأزهر.
  وبعد أن تم له ذلك أرسل إلى المعز الفاطمي يخبره بذلك فانتقل المعز الفاطمي من المهديه بتونس سنة 362 هـ متوجهاً إلى مصر وبقيت برقه ولاية ضمن ولايات الدول الفاطمية يبعثون الولاة من مصر مقر الفاطميين حينئذ .


* والمبتورى الأوصال والمشوهين بالآلاف .