الخميس، سبتمبر 29

الصادقون فيما عاهدوا الله عليه

( الشهيد :طارق أسامه عبد الباقي )



من مدينة البيضاء
العمر 17 سنه : الي جنات الخلد أنشاءلله:
استشهد في سرت :
قبل أستشهاده بساعات وزع ملابسه على أصحابه في الجبهة وقال لهم: عندي مناسبه في الحوش وقاللهم ما اعتقد اني بنجيكم مره أخرى لأن وراي مدرسه نبي نلتحق بيها : واختاره الله في ركب الشهداء .. هنيئا له ..

حصريا :( ابراهيم امنينة ) ذاكرة الايام

ذاكرة الأيام – 11
الحلقة السادسة
الرائد عبد السلام جلود يبدأ عملية نهب ليبيا
MAJOR JLOOD STARTS LOOTING LIBYA
بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه



3- ما سبب وجود هوائي ضخم بمزرعة إبراهيم انقا منذ أواسط الستينات؟ كان الرائد عبد السلام جلود بعد الانقلاب يتردد بشكل شبه يومي على مزرعة انقا، والذي صار فيما بعد مديراً لأموال جلود المهّربة في الخارج .
4- هل هي الكفاءة وحدها التي جعلت من العقيد يونس بالقاسم مسئولاً عن الأمن في ليبيا في عهد الانقلاب حتى وقت تقاعده قبل سنوات.


القذافي على خطى جلود
GADDAFI DOES THE SAME
تولى المرحوم كامل المقهور إدارة أموال عائلة القذافي المهّربة إلى أوروبا بعد وفاة مديرها السابق المرحوم "الغرياني" الذي كان يقيم في إسبانيا . وهناك معلومات تشير إلى أنه يتولى إداراتها الآن الملياردير محمد على الحويج نائب رئيس الوزراء الليبي عام 2006.


المؤامرة THE CONSPIRACY :
كان عام 1966 بداية العد التنازلي للاستقرار في ليبيا، ففي خريف ذلك العام وبعد رجوعه من دورة تدريبية في بريطانيا ( التي لم يوفق في إكمالها لعدم اجتيازه الامتحانات كما يقول أحد رفاقه المقربين ) . وقع الاختيار على الملازم معمر القذافي ليكون المنفذ لمآرب أمريكا في ليبيا . وكان قد تعرض للمراقبة والاختبار لمدة سنة أي منذ تخرجه من الكلية العسكرية الملكية ببنغازي. بدأ الأمريكان في تدريبه وتوجيهه، وحمايته بطبيعة الحال من أعين المخابرات الليبية والانجليزية والمصرية، وشاءت الأقدار أن يكون مدرسّه وموجهه السياسي العميل وخبير الانقلابات الزنديق مصطفى كمال المهدوي .
لقد درس الأمريكان تاريخ القذافي ونفسيته بدقة، فعرفوا عن وجود شائعات حول نسبه، وأنه طرد من مدارس سبها في أواخر 1961 لسوء أخلاقه وشذوذه وليس- كما يدعي- بسبب احتجاجاته وأعماله الوطنية الثورية، وهذا بشهادة مدرسيه، كما عرفوا أنه ناصرى الميول، وكان يتميز بالحذر والكتمان، ولديه طموح جارف للوصول للسلطة. لقد أتت أمريكا بشخص مجهول وغير معروف بولائه لها حتى لا يجلب عليه المشاكل وينكشف أمره. وما يؤكد ما كان معلوماً لدينا ما جاء في مقالة السيد عبد الحميد البكوش (نشرتها مجّلة الوسط بتاريخ 16/10/1995) .. كان ضباط الانقلاب صغاراً غير معروفين للناس وتذكرت ما قاله السفير الأمريكي السابق (ديفيد نيوسم) أيام كنت رئيساً لوزراء ليبيا " من 26 /10/67 إلى 07/09/68 ، إذ كان يشك في رغبتي الاستيلاء على الحكم فجاء زائراً يستطلع تلك الرغبة، ونصحني بأني إذا فكرت في ذلك فإنه يتوجب علىّ أن أتجنب إشراك أسماء معروفة لأن الناس سوف تحكم عليهم من أول يوم، وأن من الذكاء إشراك أسماء مجهولة تستطيع السيطرة على الأمور، والجميع يتوقعون منها ما لا يعرفون. ولقد صدق السفير، وليكن أي سفير أمريكي، فبناءً على هذه الإستراتيجية تم تجنيد القذافي ومجموعته من الضباط الأحداث سنة 1966".
وما خفي عن البكوش في ذلك الوقت أن المخابرات الأمريكية والسفير دايفد نيوسوم قد استقرا على استغلال مجموعة الضباط أولئك لتنفيذ مآربهم ولم تكن نصيحة "السفير" له سوى حيلة بارعة ليطمئنه أن الأمريكان لم يكن لديهم أي مخطط انقلابي وليصرفوا الأنظار عن عملائهم الكثر.
لقد كانت مواجهة غير متكافئة بين سفير تسنده آلة استخباراتية ضخمة (ميزانيتها عام 1966 505 مليون دولار) وبين رئيس وزراء شاب (عبد الحميد البكوش رحمه الله) لا يتجاوز عمره 35 عاماً يتبعه جهاز استخبارات صغير مبتدئ، حديث النشأة قليل الإمكانيات ومخترق .



ليبيا : أسهل هدف للمخابرات الأمريكية
LIBYA : IS A SITTING DUCK
ويبدو أن عبد الحميد البكوش، رئيس الوزراء الأسبق، لم يعد في ذلك الوقت كسابق عهده، متابعاً لتحركات المهدوي، ونحن لا نلومه على هذه الغفلة فقد توارى المهدوي عن الأنظار بعض الشيء بعد انتقاله إلى بنغازي في ربيع 1967 بناءً على أوامر المخابرات الأمريكية. لقد كانت ليبيا فريسة وغنيمة سهلة للمخابرات الأمريكية.
وقد نصح الأمريكان مجموعة" الضباط الوحدويون الأحرار" بالابتعاد عن الأحزاب السياسية المدنية (بعث، إخوان، قوميين عرب) والتيارات والتنظيمات المتنافسة داخل الجيش وكانت في ذلك الوقت ثلاث مجموعات رئيسة :
 مجموعة الشلحى التي تضم خريجي مصر وبعض من خريجي بنغازي .
 مجموعة العراق : سمىّ بتنظيم العراق لأن معظم أعضائه كانوا من خريجي العراق، وتوجهات أعضائه قومية وليست بعثية .
 مجموعة خريجي مدرسة الزاوية العسكرية .
وقد تمكنت من خلال وجود هذا الخلاف والتنافر بين ضباط الجيش إلى إيجاد ثغرة دخلت من خلالها وأمسكت من زمام الأمور مستغلة في نفس الوقت إمكانيات كل مجموعة لمصلحة تنظيم الضباط الصغار الذي كان يتزعمه الملازم معمر القذافي .

سياسة تجنيد صغار الرتب من الضباط بالإضافة إلى المتميزين من طلاب الكلية وضمّهم إلى مجموعة الانقلاب
POLICY OF : PICKING UP JEINOR RANKS & CADETS TO JOIN THE CLUB
كان اختيار مجموعة الملازمين دون غيرهم من الرتب لأسباب وجيهة في نظر الأمريكان أهمها أن الضباط الصغار عادةً ما يكونون قريبين من الجنود حيث هم آمروهم المباشرون، وأغلبهم يبيتون في الثكنات ولا تشغلهم مسئوليات عائلية، كما أن لديهم طموحات واستعداد للمغامرة، وأن تحركاتهم ليلاً أو نهاراً لا تثير الشبهات بالنسبة للأجهزة الأمنية مثلما تثيره تحركات الضباط الكبار .
وقد أطلق المهدوي والأمريكان على المجموعة الانقلابية الاسم الحركي : BLACK BOOTS "بلاك بوتس" "ذوي الأحذية السوداء" لأنهم، أي صغار الضباط في الجيش الليبي آنذاك ينتعلون الأحذية السوداء- دون الكبار، ويذكر الليبيون أن أول صورة نشرت لمعمر القذافي على صفحات الجرائد الليبية بعد نجاح الانقلاب ظهر فيها وهو يجلس على مكتبه منتعلاً (بوته) الأسود- كمن يقول أو يرسل رسالة مشفـّرة للمعنيين أن تنظيم البلاك بوتس BLACK BOOTS قد انتصر !!
وقد نقل مصطفى المهدوي تصّوراً آخراً للمخططين الأمريكان في مسألة اختيار الملازمين (القذافي وزمرته) دون غيرهم من الرتب وهو " إن الضابط الكبير الذي يبّرر اختيار ملازم عديم الخبرة لهذا العمل الضخم وهو إسقاط دولة أهم شيء بالنسبة له هو أن الصغير يمكن تدريبه وإعادة تشكيله كعجينة كما نريد، بل ننسخه من جديد ونحوله إلى شيء جديد وكيان يعمل بسهولة لنا، لأن تفريغ دماغه عملية سهلة، فلم يثبت بعد في عقله كل ما يعتقد لدرجة أننا بإمكاننا تحويله عن دينه إذا شئنا !!
WE CAN EVEN CONVERT HIM IF WE WANTED TO.
وهذه تجارب نحن نعمل ونقوم بها ويعرفها عملاؤنا الراسخون في علمهم وعملهم وتجاربهم، ولذا كان الاختيار للأحدث دون الأقدم
CHIOCE OF RECRUITS SHOULD BE FOR JENIORS RATHER THAN SENIORS AND YOUNGERS RATHER THAN OLDERS.
وكلام مصطفى المهدوي هذا لم يأت من فراغ فهو بالتأكيد كان علم بالتجارب التي كان يقوم بها العلماء الأمريكان في مجال السيطرة على العقل وغسل الأدمغة MIND CONTROL / BRAINWASHING وربما أيضاً كان على علم بالتجارب السرية العلمية التي كانت الـ CIA تجريها منذ عام 1953 في مجال التأثير والسيطرة على "سلوك الإنسان" HUMAN BEHAVIOUR وقد أعطت الوكالة لهذا التشريع الاسم الكودي: ULTRA.-MK .
(وإلى اللقاء في الحلقة القادمة) .....

حصريا :( ابراهيم امنينة ) ذاكرة الايام

ذاكرة الأيام – 1
تكملة الحلقة الأولى  

((3- عودة الي سيرة الادريس))
بقلم : ابراهيم السنوسي امنينة

    ولنعد الآن إلى متابعة سيرة السيد إدريس الذي كنا قد تركناه في امساعد، على الحدود البرقاوية، عقب عودته من الحج في شهر مارس1915. وكان السيد إدريس أدرى بشؤون السياسة الخارجية وأبعد نظراً وأكثر حذقاً من السيد أحمد في هذا المجال. فهو لم يستصوب أبداً فكرة الزّج بالسنوسيين في الحرب التركية ضد البريطانيين الذين حاول أن يقيم معهم علاقات ودية. ولما كان على علم بالاستعدادات الجارية توطئة لاندلاع الثورة العربية في الحجاز، فقد أحس بأن الإمبراطورية التركية أمست على شفا الانهيار، وبالتالي فإن مهادنة البريطانيين ربما تكون أجدى لخدمة مصالح شعبه من مساندة الأتراك في الحرب ضدهم. وكذلك فإن السيد إدريس كان، مثل أبيه، رجلاً يجنح للسلام بقدر الإمكان، فلم يشعر بأدنى رغبة في دخول الحرب شخصياً، غير أن إخلاصه للسيد أحمد منعه أيضاً من اتخاذ أي خطوة من شأنها عرقلة التعاون القائم بينه وبين الأتراك. وبحكم موقعه كقائد للمعسكرات المسلحة التي كانت تتصدى لمواجهة الإيطاليين في دواخل برقة، استطاع السيد إدريس أن ينأى بنفسه عن الحملات التركية السنوسية في الأراضي المصرية وأن يركز كل جهده واهتمامه على مقاومة الغزو الاستعماري الإيطالي داخل ليبيا نفسها. وهذا ما يتضح من خلال سرده لأحداث تلك الفترة .  
       

حصريا :( ابراهيم امنينة ) ذاكرة الايام

ذاكرة الأيام – 1
تكملة الحلقة الأولى  

                                     ((2-السنوسية والصراعات الدولية))
                                                                                          بقلم : ابراهيم السنوسي امنينة


 لقد شكلّ  تراكم الأحداث اللاحقة مرحلة حرجة من تاريخ السنوسية. في عام 1915 كان القتال في ليبيا قد توقف تماماً، بينما ظلت القوات الإيطالية تحتفظ بقدر من السيطرة المشوبة بالتوتر الدائم في مناطق طرابلس وساحل برقة الممتد من بنغازي إلى طبرق والجبل الأخضر. أما مواقع السنوسيين فكانت تنحصر في جزء بسيط من المنطقة الساحلية ابتداءً من شرق طبرق لغاية الحدود المصرية، بالإضافة إلى سلسلة من المعسكرات المسلحة المنتشرة في العمق من امساعد إلى إجدابيا مروراً بالطرف الجنوبي للجبل الأخضر. وكان دور تلك المعسكرات هو احتواء القوات الإيطالية داخل الحزام الساحلي، فلم يكن من المتيسر استخدامها في غير ذلك من العمليات. كما أن القوة المرابطة في امساعد تحت قيادة السيد أحمد الشريف نفسه كانت قليلة العدد ومهمتها حماية الشريط الساحلي الضيق قرب البردي من الوقوع في أيدي المحتلين الإيطاليين .     
    وفور نشوب الحرب بينهم وبين بريطانيا انصرف الأتراك إلى عمل استعدادات لمهاجمة المواقع البريطانية في مصر على أمل التمكن من تدميرها بواسطة هجوم مشترك من الجناحين الشرقي والغربي. فأوفدوا نوري بك (أخ أنور باشا) إلى امساعد في فبراير 1915 لغرض تنظيم الجناح الغربي بمساعدة جعفر العسكري (وهو ضابط شاب قدير من أصل عراقي انضم فيما بعد إلى صفوف الثورة العربية ضد حكم الأتراك ثم تولى رئاسة الوزارة في العراق وقتل هناك أثناء انقلاب سنة 1963). وقد لقيا استقبالاً فاتراً في البداية لأن السيد أحمد الشريف لم يكن يريد إقحام نفسه في معركة جانبية مع البريطانيين، كما أيده في ذلك السيد إدريس الذي كان قد أقام معهم علاقات ودية أثناء رحلته الأخيرة عن طريق مصر فنصح باتخاذ موقف محايد إزاء الحرب بين بريطانيا وتركيا. غير أن السيد أحمد كان في نفس الوقت رجلاً عنيداً ميالاً إلى القتال بطبعه شديد الإيمان بالواجب الإسلامي المتمثل في خوض معارك ضد الكفار. ثم أنه كان لا يريد أن يخذل صديقه القديم أنور باشا.
    فلما دعا السلطان العثماني كل العرب إلى إعلان الجهاد ضد أعداء تركيا رأى السيد أحمد أن الواجب يفرض عليه تلبية نداء الحرب ضد البريطانيين مثلما سبق له الوقوف إلى جانب الأتراك في مواجهة الغزو الإيطالي. ولكن الفارق هذه المرة أن بريطانيا لم تكن تهدد بأي غزو للأراضي الليبية، كما أن سياستها تجاه السنوسيين كانت ودية وسلمية. ولهذا لم يعد واثقاً تماماً من صواب رأيه، فوجد نفسه في موقف الحائر المتردد. ومرّ الربيع والصيف من عام 1915 وهو لم يفعل أي شيء قد يستفز البريطانيين، بل إنه شجع السيد إدريس على محاولة التفاهم معهم بوساطة أسرة الإدريسي في مصر على أساس اتفاق يشمل تقديم معونة مالية مقابل الحياد في الحرب. ومن ناحية أخرى فإن ولاءه للأتراك دفعه إلى غض النظر عن الاستعدادات التي كان يقوم بها نوري بك لتجنيد وتدريب قوة عسكرية بقصد مهاجمة الانجليز. فلما تقاعس هؤلاء عن توفير المساعدات المادية التي تعهدوا بها، لم يجد حرجاً في قبول الأموال والإمدادات التي تقدم بها الأتراك بالتعاون مع حليفتهم ألمانيا .  

   ولعل من أسباب تأييده الضمني لتلك الاستعدادات التركية شعوره بالمسؤولية كوزير مفوض للسلطان في ليبيا واعتقاده الراسخ بضرورة الجهاد في سبيل الإسلام ضد أعداء الدين أياً كان جنسهم. وفي نفس الوقت بقي على الحياد متحفزاً ريثما تنجلي الأمور.
   وطوال سنة 1915 ظل نوري بك وجعفر العسكري منهمكين في حشد وتدريب المتطوعين من رجال القبائل الذين كان معظمهم من أهالي برقة مع قلة من أفراد قبيلة أولاد على المنتشرة في صحراء مصر الغربية، حيث كان للسنوسية نفوذ واسع. وهذه القوة التركية السنوسية المشتركة تم تزويدها بأسلحة ألمانية كانت ترد من تركيا بطريق البحر. وفي نفس الفترة نظم نوري شن عدة غارات متفرقة على الحامية البريطانية في السلوم. ومع أن موقف السيد أحمد لم يكن قد تحدد على نحو قاطع، بينما استمر في المحافظة على علاقات طيبة مع ضباط الحدود الانجليز، إلا أن الدلائل أخذت تشير يوماً بعد يوم إلى ان الهجوم على مصر بات وشيكاً. وقد ذكر جعفر باشا العسكري أيام كان سفيراً للعراق في لندن وهو يسترجع أحداث تلك الفترة البعيدة أن السيد أحمد لم يكن راغباً حقاً في محاربة القوات البريطانية آنذاك، إذ كان يدرك أن عليه أن يتصدى للإيطاليين في طرابلس والفرنسيين في الجنوب، وإنما جرّته إلى دخول الحرب عدة عوامل أخرى منها الحاجة إلى المعونات المالية وتأثير الدعاية المضلّلة التي كان يبثها جواسيس ألمانيا وعملاؤها في المنطقة إلى جانب الضغوط القوية التي طفق يمارسها أنور باشا من مركز نفوذه الكبير في القسطنطينية (اسطنبول) .
  وكانت الشراراة التي أشعلت فتيل الصراع هي حادثة "تارا" الباخرة البريطانية المسلحة التي نسفت بقذائف الطوربيد من غواصة ألمانية أثناء مرورها بخليج السلوم في بداية نوفمبر 1915. فقد أنزل الألمان بحارة السفينة البريطانية في البردي حيث سلموهم إلى الأتراك الذين أخذوهم أسرى وأرسلوا بهم تحت حراسة بعض القوات السنوسية إلى معسكر بير احكيم الواقع في منطقة صحراوية نائية. وكان من المستحيل تجاهل مثل هذا التعاون الصريح مع الألمان. ومن جهة أخرى بدأت تظهر في الإسكندرية بوادر قلق جدي لتوارد أخبار تنبئ بقرب حدوث هجوم تركي سنوسي تسانده الغواصات الألمانية التي كانت تجوب البحر بمحاذاة الساحل. وكانت تقارير المخابرات البريطانية تنطوي على كثير من المبالغة من حيث تقديرها لحجم القوات التي كانت موجودة بالفعل تحت تصرف الأتراك في ذلك الوقت، كما سرت شائعات عديدة أثارت مخاوف السلطات البريطانية من أن الصحراء كلها ربما تهّب عن بكرة أبيها لو دعاها السنوسيون للجهاد في صف تركيا.والحقيقة أن القوات التركية المرابطة على الساحل لم تزد قط عن نحو ألفين أو ثلاثة آلاف رجل، بينما كان جلّ المعسكرات السنوسية مشغولاً تماماً بمواجهة قوات الاحتلال الإيطالي في برقة. ولكن المجهول دائماً يوحي بالخطر، خصوصاً وأن السنوسيين اشتهروا بأنهم محاربون أشاوس لا يهابون شيئاً في سبيل العقيدة. وكان من الجلّى أن تأثير السنوسية يمكن أن يلهب حماس أعداد لا حصر لها من بدو الصحراء الأشداء لغزو وادي النيل فينقضوّن على  مصر الغنية القريبة المنال بدافع تختلط فيه الغيرة الدينية بالطمع في الغنائم. أما الاحتمال الأضعف نسبياً، وأن لم يكن مستحيلاً،فهو أن السنوسيين قد يثيرون موجة من الشعور الديني تجرف حتى الفلاحين المصريين المسالمين نحو دعوة الجهاد تحت راية الإسلام. بل جاء في الأخبار أيضاً أن السلطان على الدينار، سلطان دارفور، ربما ينضم إليهم هو الآخر ( وكان يتلقى أسلحة من الأتراك عن طريق السنوسيين، ثم هزم وقتل أثناء معركة مع بعض القوات البريطانية المتواجدة بالسودان في نوفمبر 1916). وكل تلك المخاوف التي ضاعف من حدتها تهويل أجهزة المخابرات أدت إلى تمركز جيش بريطاني قوامه ثلاثون ألف جندي للدفاع عن مصر وحدها في فترة من أدقّ مراحل الحرب العالمية الأولى .
   وكانت المهمة العاجلة التي شغلت السلطات البريطانية حينذاك هي اتخاذ احتياطات كافية لدرء الأخطار المحدقة بالحدود المصرية. ولهذا فإن المفارز المصرية الصغيرة المكلفة بأعمال خفر السواحل في السلوم وسيدي براني تم سحبها إلى مرسى مطروح حيث تجمعت بسرعة خلال شهر نوفمبر قوات الحدود الغربية بقيادة الجنرال والاس، وكانت تضم لواءين مختلطين أحدهما من سلاح الفرسان والآخر من المشاة ووحدة من سلاح المهندسين بالجيش المصري وقافلة التموين التابعة للفرقة الاسترالية الأولى. وفي نفس الوقت تقدمت القوات التي كان يقودها الأتراك فاحتلت سيدي براني ثم واصلت زحفها باتجاه مرسى مطروح،وكان قوامها حوالي 2500 رجل منهم 250 من جنود الجيش النظامي التركي والبقية من أفراد القبائل السنوسية الذين دربهم نوري باشا وجعفر العسكري وتزودوا بالبنادق الألمانية فضلاً عن ثمان مدافع جبلية وعشر رشاشات. أما القوات البريطانية التي تصدت لهم بمرسى مطروح فقد كانت هي الأخرى مكونة من نحو 2500 جندي منهم 500 من سلاح الفرسان.
   ودارت المعارك على شكل سلسلة من المناوشات بين كثبان الرمال القريبة من الساحل، وكانت خسائر الجانب البريطاني طفيفة نوعاً. وقد جرى أول اشتباك بين الجانبين عند وادي صنب على بعد أربعة أميال غربي مرسى مطروح، ولم يسفر عن نتيجة حاسمة. ثم وقعت بعد ذلك اشتباكات أخرى في وادي ماجد وفي منطقة حلازين خلال شهري ديسمبر 1915 ويناير 1916 هزم فيها العرب فأرغموا على التقهقر. وكانوا في كل تلك المعارك يقاتلون بثبات وإصرار، متقدمين في تشكيلات مفتوحة وهم يطلقون النار من خلف ساتر أثناء زحفهم، مما يشهد بكفاءة جعفر العسكري الذي أشرف على تدريبهم. أما المعركة الفاصلة فقد دارت رحاها عند العجاجية على مسافة 15 ميلاً في جنوب شرقي سيدي براني بتاريخ 26 فبراير 1916. وكانت القوات التركية السنوسية البالغ عددها 1600 رجل قد تحصنت في موقع دفاعي جيد بين التلال الرملية وفي حوزتها ثلاث مدافع جبلية وخمس رشاشات. إلا أنها هوجمت من الجانبين بقوات تفوقها عدداً فأجبرت على الانسحاب حيث تعرضت لهجوم فرقة من سلاح الفرسان ألحقت بها في النهاية هزيمة نكراء. وكان ممن شهدوا تلك المعركة دوجلاس نيوبولد (الذي منح لقب سير فيما بعد وأصبح وزيراً للشؤون المدنية في حكومة السودان، وتوفي سنة 1946). وقد وصف الموقعة بقوله :
" ... كانت الفرقة مؤلفة من 170 فارساً يرافقهم حمل من المجاريف وطباخ وبيطار. وقد اخترقوا صفوف القوات السنوسية تماماً حتى المؤخرة، وسقط منهم ستون قتيلاً معظمهم أصيبوا من الخلف برصاص بعض القنـّاصة العرب ممن تظاهروا بأنهم موتى على أرض المعركة".
   وقد وقع في الأسر جعفر العسكري بينما تمكن نوري من الهرب من فلول القوات التركية ثم استقل سفينة نقلته من البردي إلى تركيا مباشرة. واستمرت مطاردة المقاتلين العرب حتى توغلوا في الصحراء حيث تكبدوا خسائر كبيرة في الأرواح، وقدرت خسائرهم عموماً بنحو خمسمائة قتيل وأربعين ألف طلقة من الذخيرة وستين رأساً من الإبل المحملة بالتمور استولى عليها البريطانيون.
   وانتهت بذلك الحملة الساحلية، فعاد البريطانيون إلى احتلال السلوم في مارس 1916، كما تم إنقاذ الأسرى من بحارة السفينة "تارا" (وكانوا يعيشون على أكل القواقع كقوت رئيسي وهم في الأسر!) . وقد تمكن من إنقاذهم رتل صغير من العربات المصفحة بقيادة دوق وستمنستر، الذي انطلق في عملية جريئة قطع خلالها مسافة 120 ميلاً عبر الصحراء إلى بير احكيم وكانت نقطة أمامية منعزلة لا يوجد بها غير اثنين من الآبار الرومانية القديمة وضريح لأحد الأولياء وحصن تركي متهدم. وأقبل بدو الصحراء ممن كانوا قد انضموا إلى قوات نوري، فاستسلموا للبريطانيين بأعداد كبيرة تحت وطأة المجاعة التي بدأت تفتك بهم. وبعدئذ عادت القوة البريطانية إلى الإسكندرية بطريق البحر تاركة وراءها في السلوم حامية عسكرية تتألف من كتيبتين وسريـّة من جنود الهجانة وبعض المصفحات والطائرات الخفيفة .
  وفي غضون ذلك كان السيد أحمد قد شرع، بعد تأخر وتردد طويلين، في تنفيذ المهمة التي أسندتها إليه القيادة التركية العليا، وهي احتلال الواحات المصرية الواقعة غربي نهر النيل ومهاجمة وادي النيل في بعض المناطق غير الحصينة جنوبي القاهرة. وكانت تلك الحملة، وعلى رأسها السيد أحمد في زي قائد تركي، تضم حوالي 500 من رجال القبائل السنوسية وترافقها أمتعة كثيرة جداً كان من بينها سرير مزدوج على شكل هودج تحمله الجمال. وبعد مسيرة بطيئة قطعها على عدة مراحل انطلاقاً من الجغبوب إلى سيوة ومنها عبر الصحراء إلى واحة الفرافرة ثم البحيرة، وصل جيش السيد أحمد إلى واحة الداخلة على مسافة 170 ميلاً تقريباً غربي النيل حيث قضي صيف عام 1916. ورغم أن الحملة باءت بالفشل الذريع، إلا أنها مع ذلك نجحت في تحقيق أهداف الاستراتيجية التركية التي كانت ترمي إلى انشغال أكبر عدد ممكن من قوات العدو بمهمة الدفاع عن وادي النيل بحيث يخفف الضغط عن القوات التركية المحاربة في منطقة قنال السويس
الحلقة القادمة :
عودة لسيرة الادريس

حصريا :( ابراهيم امنينة ) ذاكرة الايام

ذاكرة الأيام – 1
تكملة الحلقة الأولى  
بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه


     ولانتباه الشخص الذي تطوع وحذف البيت الذي يقول : "حي إدريس سليل الفاتحين من النشيد الوطني" تابع سلسلة ذاكرة الأيام - 6
       نتابع مذكرات الملك إدريس رحمة الله عليه، التي جاءت على لسانه، وكذلك نتناول عرض المشهد التاريخي لجهاد السنوسيين في سنوات الحرب العالمية الأولى بقيادة السيد أحمد الشريف والتعليق عليها من قبل Mr. E. F. Decandol  الوزير البريطاني المفوض في ليبيا في كتابة "الملك إدريس عاهل ليبيا حياته وعصره" يقول صاحب المذاكرات :
                                             ((1- سيرة الادريس ))
     في عام 1330 هـ (الموافق 1912م) بلغت سن الرشد في الكفرة، فطلب مني بعض الإخوان السنوسيين بالأصالة عن أنفسهم ونيابةً عن غيرهم أن أتسلم مسؤوليات المرحوم والدي من السيد أحمد الشريف الذي كان يومها يتأهب للرحيل إلى الجغبوب بناء على طلب أنور باشا حتى يكون على مقربة من المجاهدين. وكان ردي على طلب الإخوان هو أن السيد أحمد مشغول بالاستعداد للسفر، وأننا على حافة الحرب مع إيطاليا، فلا أرى من المناسب أن أستلم منه في وقت كهذا . ثم أنني أقدر خبرته الطويلة المجربة في إدارة شؤون الطريقة، ولكن متى استقرت الأحوال فسوف نلبي رغبتهم، ولا شك أن السيد أحمد سوف يوافق على ذلك .  وسافر السيد أحمد إلى الجغبوب، بينما بقيت أنا في الكفرة عاماً كاملاً تدربت خلاله على تسيير الأمور المتعلقة بمسؤولياتي المقبلة. وفي تلك الأثناء تخلت تركيا عن البلاد لإيطاليا (بمقتضى معاهدة لوزان المبرمة في سنة 1912). وبينما كان السيد أحمد يحارب الإيطاليين، قررت أن أذهب إلى مكة لأداء فريضة الحج ثم أعود لمساعدته .   وبتاريخ الرابع من شوال (الموافق أغسطس 1913) غادرت الكفرة برفقة ثلاثة من الإخوان- هم الحاج محمد التواتي (ابن أحد مستشاري السنوسي الكبير) والحاج فرج والحاج على العابدية (وهو زعيم سنوسي معروف ولد سنة 1870). وكان معنا أيضاً شيخ إحدى الزوايا الثلاثة وثلاثة من الخدم، منهم واحد سوداني، بالإضافة إلى حداة الإبل. وكنت أركب فرسي، وتحمل أمتعتنا الجمال. وسرنا بطريق القوافل الرئيسي الذي يمر بمناطق  طلاب وربيانة وبوزيمة وزيغن وأبو عشكة وبوطفل مؤدياً إلى جالو، فاستغرقت الرحلة إلى هناك واحداً وعشرين يوماً منها ستة عشر يوماً من السفر الفعلي، إذ كنا نسير ليلاً ونستريح بالنهار كالمعتاد أثناء الصيف. وقضينا تسعة أيام في جالو التي كانت مركزاً تجارياً هاماً ثم أخذت مكانتها في التدهور على أثر إغلاق طريق القوافل من الساحل إلى واداي. وبعدئذ واصلنا السير نحو الجغبوب مروراً بخربة وقطمر وترفاوي وعبد السلام، واستمرت الرحلة كلها ستة عشر يوماً منها ثلاثة عشر يوماً من المسير .
     ومكثت بالجغبوب سبعة أشهر في بيت أبي. وكان المعهد الذي أسسه جدي هناك لا يزال مزدهراً. وفي شهر جمادي الثاني (الموافق لأبريل 1914)  غادرت الجغبوب متجهاً إلى مصر مع نفس الجماعة وكذلك الحاج يونس العابدية الذي انضم إلينا في الجغبوب. وبعد مسيرة سبعة أيام وصلنا إلى الساحل عند مكان يسمى بقبق (بالقرب من السلوم) حيث شاهدت البحر للمرة الأولى في حياتي. ثم سافرنا إلى الضبعة (التي كانت في ذلك الوقت آخر محطة للسكك الحديدية المصرية من ناحية الغرب) ومررنا في طريقنا بمرسى مطروح حيث رحبت بي السلطات المصرية، كما الزوايا السنوسية في كل من سيدي البراني وشماس ونجيلة وأم الرخم وأبو هارون. ولدى وصولنا إلى الضبعة استقبلنا صالح الحرب، وهو ضابط مصري جاء مندوباً عن الخديوي عباس (أي عباس الثاني، خديوي مصر من 1892 إلى 1914)، ثم سافرنا إلى الإسكندرية بقطار خصوصي، ونزلت ضيفاً على الخديوي في قصر رأس التين. ولقيت ترحيباً حاراً من المصريين، فهم على الرغم من حيادهم رسمياً في الحرب مع إيطاليا كانوا يؤيدون إخوتهم المسلمين ويبذلون كل ما في وسعهم لمساعدة السنوسيين بإمدادات السلاح والمعدات الطبية. وفي ذلك الوقت كان اللورد كتشنر يشغل منصب المندوب البريطاني في مصر .
      وبقينا في الإسكندرية تسعة أيام بانتظار باخرة بريد الخديوي إلى حيفا، ثم سمعنا أنها سوف تعّرج على ميناء بور سعيد فاستقلينا قطاراً خاصاً تفضل به الخديوي أيضاً لنقلنا إلى هناك حيث ركبنا الباخرة وأبحرت بنا عند الظهر في نفس اليوم. وكانت الرحلة مريحة وصلت بعدها إلى حيفا يوم 24 رجب فاستقبلني الوالي التركي استقبالاً رسمياً، وبعدها مباشرة سافرنا بقطار إلى المدينة يقوم بثلاث رحلات أسبوعياً وتستغرق رحلته ثلاثة أيام يمر فيها بعدة محطات رئيسية، وهي درعا وعمان وتبوك ومدائن صالح. وهو كان مريحاً رغم بطئه، ويضم ثلاث عربات للنوم وواحدة للأكل، كما وجدت به زريبة لفرسي .
     وبقيت في المدينة خمسة عشر يوماً كان الجو أثناءها قائظ الحر، فداهمتني الحمى، ولذا نصحت بالانتقال إلى مكة لأن جوها ألطف قليلاً. ومع أن موسم الحج لم يكن قد حل بعد، إلا إنني امتطيت فرسي وانطلقت في رحلة المائتي ميل من المدينة إلى مكة، فقطعتها خلال أحد عشر يوماً من السفر الوئيد أثناء الليل والراحة في ظل خيمة بالنهار وبعد إقامة ثلاثة  أيام بمكة نصحني البعض بالذهاب إلى مدينة الطائف الواقعة وسط التلال في جنوبي مكة، وكان الشريف حسين (أمير مكة الذي أصبح فيما بعد ملك الحجاز من عام 1916 إلى 1924) يمضي بها فصل الصيف مع ولديه عبد الله وفيصل .
     وقضيت في الطائف 75 يوماً، بما فيها رمضان وشوال (الموافق لشهر يونيه من عام 1914). وكان جوها لطيفاً بالفعل، فاستعدت صحتي تماماً. وفي تلك الأثناء حدث اغتيال أرشيدوق النمسا في ساراييفو، واندلعت الحرب العالمية الأولى (بتاريخ 4 أغسطس 1914). وبعدئذ توجهنا إلى مكة لأداء مناسك الحج (في أكتوبر 1914)، ونزلت بالزاوية السنوسية في أبو قبيس. ثم انتقلنا إلى المدينة فاضطررنا إلى البقاء فيها مدة شهرين لانقطاع المواصلات بسبب الحرب. وكان قد انضم إلينا في مكة اثنان من عرب برقة المعروفين وهما رشيد الكيخيا وعلي العبيدي .
    وفيما كنا ننتظر بالمدينة أثناء شهر نوفمبر قامت الحرب بين بريطانيا وتركيا، فحاول الأتراك المسيطرون على الحجاز أن يحملوا العرب على الوقوف في صفهم، كما أخذ البريطانيون في التقرب إلى العرب على نحو مماثل. غير أن الشريف حسين التزم موقف الحياد، متجنباً إعطاء أي رد مباشر على الدعوة التركية إلى إعلان الجهاد. وفي ديسمبر، عندما استأنفت القطارات رحلاتها العادية، سافرنا إلى حيفا حيث استضافنا الوالي التركي أبو شاهين. وهناك اكتشفنا أن الاتصالات مع مصر شبه مقطوعة تماماً  والأتراك كانوا يتقاتلون قرب قنال السويس وكان البريطانيون قد أعلنوا الحماية على مصر لأن البريطانيين بعد خلع الخديوي عباس الثاني واستبداله بعمه حسين كامل الذي منح لقب السلطان.
    ولما كانت هناك باخرة إيطالية تقوم برحلات منتظمة بين حيفا ونابولي عبر ميناء بور سعيد، فقد أرسلنا واحداً من جماعتنا لاستطلاع إمكانية السفر بهذا الطريق. وجاءنا رده مشجعاً، فحجزنا أماكن على الباخرة، غير أن القبطان قال أن لا يضمن السماح لنا بالنزول في بور سعيد، نظراً لأن السنوسيين كانوا حلفاء للأتراك وبالتالي فإننا نعد نظرياً من رعايا دولة معادية. ولكن العلاقات في ذلك الوقت كانت قد تحسنت نوعاً بين السنوسيين والإيطاليين الذين أخذوا يسعون إلى التفاهم مع السيد أحمد الشريف، فاتفقنا على دفع عربون لقبطان الباخرة بحيث يحملنا إلى نابولي في حالة ما إذا رفض البريطانيون أن يسمحوا لنا بالنزول في بور سعيد، ومن نابولي يدبر الإيطاليون أمر ترحيلنا إلى برقة متى حانت الفرصة.
      وهكذا غادرنا حيفا في فبراير 1915، وقد اضطررت للأسف إلى ترك فرسي هناك لأن القبطان لم يجد لها مكاناً على الباخرة. وهي (أعني الفرس) كانت من سلالة برقاوية تربت في أرياف الجبل الأخضر، وكان قد أهداها إلى خليل البناني. وقد حملتني طول الطريق من الكفرة إلى مكة، ثم في طريق العودة كذلك، فتأسفت كثيراً لتركها في حيفا حيث ماتت بعدها بمدة قصيرة .
     ولدى وصولنا إلى بورسعيد طلبنا من رفيقنا على العبيدي أن يسبقنا في النزول إلى البّر حتى رأيناه مرّ بسلام فتبعناه كلنا في زحمة الحجاج متظاهرين بأننا مصريون. وفور نزولنا إلى الشاطئ بعثنا برقيات إلى كل من السلطان حسين والجنرال ماكماهون الذي خلف اللورد كتشنر في منصب المندوب السامي البريطاني بمصر. وتلقينا منهما استجابة ودية، فتوجهنا إلى القاهرة في ضيافة السلطان حسين. وفي أثناء ذلك قمنا بزيارة لكل من الجنرال ماكسويل، قائد القوات البريطانية في مصر، والكولونيل كليتون، مندوب حكومة السودان المقيم بالقاهرة، فناقشنا معهما أوضاع العلاقات السنوسية الراهنة مع الأتراك والإيطاليين والبريطانيين. وأعرب الاثنان عن رغبتهما الأكيدة في أن نقطع علاقاتنا مع الأتراك ونؤيد البريطانيين في الحرب أو نبقى محايدين على الأقل .
    وكان ذلك أول لقاء بيني وبين البريطانيين وخرجت منه بانطباع جيد عن سلوكهم الودي وقوتهم العسكرية. ولم يكن بوسعي أن ألتزم بأي تعهد نيابة عن السنوسيين قبل استشارة السيد أحمد الشريف أولاً. لكنني وافقت على متابعة الاتصال من خلال علاقاتنا بعائلة الادريسي في مصر، ووافقوا من جانبهم على تسهيل عودتي إلى برقة .
   وبعد فترة إقامة قصيرة في القاهرة، ركبنا قطار الصباح إلى الإسكندرية. وفي نفس اليوم استقلينا باخرة لخفر السواحل وضعها البريطانيون تحت تصرفنا حتى أنزلتنا في السلوم، ومن ثم توجهنا إلى امساعد للالتحاق بمعسكر السيد أحمد الشريف. وكانت غيبتي عن برقة استغرقت عاماً كاملاً تقريباً .

         (وإلى اللقاء في الحلقة التالية )Ü .....
الحلقة القادمة بعنوان:
السنوسية والصراعات الدولية بالمنطقة

المشهد الوطني



في اطار الحراك السياسي الذي تشهده البلاد.. تلقت ابجدية الوطن دعوة المشاركة في حفل اشهار التجمع الوطني من اجل العدالة والديمقراطية الذي التقت فيه اطياف العدالة والديمقراطية للاسهام في رسم صورة المستقبل المشرق بما يعبر عن عن الاطياف الوطنية المخلصة بما لديها من تطلعات ومفاهيم تسعي لتحقيق شمولية العدالة وديمقراطية التعبير .. وتقوم بوضع ملامح  خارطة الطريق المأمول لقيام ليبيا الجديدة .. ليبيا كل الليبين ..

ولقد شهد اللقاء حضور مكثفا وكبيرا من مختلف شرائح  المجتمع والمناطق الليبية معتبرين هذا اللقاء التمهيدي  في سلسلة لقاءات سوف تشهدها مختلف المناطق في ليبيا وتدار بواسطة كفاءات تلك المناطق لتضع بصماتها في هذا المشروع الوطني الكبير .. باعتباره ليس عملا اقليميا ضيقا .. او تكتلا لفئة تسعي لحقائب او مصالح .. انه لقاء الخيرين والخيرات من اصحاب الايادي النظيفة البيضاء ذوي الانتماء لليبيا كل ليبيا .. وكل الليبين ..
نسأل الله التوفيق والسداد للصادقين فيما عاهدوا الله عليه ...

الاثنين، سبتمبر 26

حصريا ( كتابات امنينة ) ذاكرة الايام11

ذاكرة الأيام – 11
الحلقة الثالثة  

بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه

(4)   الولوج
PENETRATION

  واصل الأمريكان محاولاتهم لإيجاد من يحقق رغباتهم في ليبيا فقد شعروا إن لم يتحركوا بسرعة فإن الحكم في ليبيا سيئوول ولا محالة للعقيد الركن عبد العزيز إبراهيم الشلحى "توفى سنة 2009" الذي يتمتع بكفاءة عسكرية وحائز على ثقة الملك إدريس الشخصية والذي كان يكلفه بالمهام الخاصة جّداً- "وسوف يرد تفصيل ذلك في مكان آخر من هذه السلسلة"- كان يعدّ العدّه للانقلاب على الملك إدريس سلميّاً، وأنه ربما تكون له ميولاً قوميه ناصريه، ربما كانوا قد فطنوا لاتصالاته بالقيادات المصرية*. وكانت أمريكا منذ نهاية الخمسينيات قد قامت بإنشاء شبكة من "العملاء والأصدقاء الموالين"!! والصنف الأخير كان يضم عسكريين من جيش وشرطة ورجال أعمال وموظفين ومحامين- وسنتكلم هنا عن أخطر وأهم عميل لأمريكا في ليبيا، ولربما في الشرق الأوسط، ألا وهو مصطفى كمال المهدوي المحامي، من مواليد مصر عام 1932، تخرج في كلية الحقوق بالإسكندرية عام 1959، ومن زملاء دفعته بالكلية الأستاذ إبراهيم الفقيه حسن، وعمل مصطفى هذا عقب تخرجه في ليبيا بالقسم الفني بالمحكمة العليا بطرابلس، وهو مقيم حالياً في بنغازي بمنطقة الفويهات الغربية، ويتمتع بثقافة واسعة، لبق الحديث- كانت قد جندّته المخابرات الأمريكية بسبب صلته العائلية والحميمة بمصطفى بن حليم رئيس وزراء ليبيا الأسبق.

الهدف : تشريد الليبيين وتدمير ثرواتهم إذا لم تتم السيطرة عليهم وعلى مقدراتهم
TARGET: DEVASTATE OR CONTROL LIBYA
وتأتي فترة التجمّع والاجتماعات GROUPING & GATHERING فخلال فترة وجيزة كوّن المهدوي صداقات كثيرة، إذ كانت تعقد في بيته بطرابلس اجتماعات لمثقفين وشباب من طليعة النخب ELITE YOUTH الفكرية والثقافية والعلمية في البلاد، ضّمت من الليبيين المرحوم على ورّيث- رئيس تحرير جريدة البلاغ التي كانت تصدر في طرابلس في وقت مضى (توفي في نوفمبر 1970- في حادث سير غامض؟)، وإبراهيم بشير الغويل الذي كان معه في نفس السيارة ونجا من الموت*. (؟) ومن الفلسطينيين : المرحوم  د. أحمد صدقي الدجاني، ود. أنيس القاسم ، وعيسى القاسم، وفريد أبو وائل، ومن الأردن : نوّاف جرادات**. وغيرهم بالإضافة إلى أصدقائه الضباط الأمريكان الذين كانوا يحضرون حفلات أعياد ميلاد ابنته الصغيرة. وكان المهدوي هذا أيام سكنه في طرابلس يقضي أيام الجمع للاستجمام في مزرعة عائلة توفيق غرغور وكان صديقاً لابنهم "حبيب"، وخلال عام 1970، أي بعد أقل من سنة من الانقلاب استولت السلطات الليبية على هذه المزرعة وعلى المباني السكنية التي حولها ووزعتها بعد تقسيمها على عدد من المقربين واحتفظ الطاغية لنفسه بأحسنها وأروعها. والسيد "غرغور" هو مواطن فلسطيني قدم للعيش في ليبيا "بلاد الأمان- إبّان العهد الملكي"، بعد أن استولى جمال عبد الناصر على أمواله وممتلكاته في مصر تحت شعار "التأميم"ظلماً وعدواناً في أوائل الستينات، وهو ليس "بواحد أجنبي أفاقّ" كما نعته الطاغية في خطابه يوم 01/05/2006، "بمناسبة عيد العمال العالمي" – وقد حشر الطاغية اسم غرغور في خطابه ذلك بعد أن علم بلجوء عائلة غرغور لرفع دعوى قضائية خارج ليبيا لاسترداد أموالهم وممتلكاتهم التي نهبت في ليبيا في عهد الطاغية .
         (وإلى اللقاء في الحلقة التالية )Ü .....


* انظر ما ورد في الصفحات 6،5،1 من ذاكرة الأيام -5 للكاتب، حول دور عبد الناصر في دعم الطاغية ورفاقه في انقلاب سبتمبر 1969 وعلاقة القيادات المصرية بآل الشلحى ومن والاهم في النظام، وسؤال محمد حسين هيكل- حسب ما ورد في كتابه " الطريق إلى رمضان" لمن كان في استقباله في مطار بنينا في منتصف ليلة الأربعاء 03/09/1969 وهو الانقلابي الغبي- مصطفى الخروبي: "أمّال فين عبد العزيز بيه؟"
* من المعروف أن إبراهيم الغويل بصفته محامياً وعلاقته بالطاغية وبمصطفى كمال المهدوي منذ زمن، فإنه كان قد كلّـف ليتولى الدفاع عن الطاغية وعبد الباسط وفحيمه في قضية لوكربي الشهيرة في جميع مراحلها .
** في الصفحات السابقة تحدثنا عن عملاء عرب أغلبهم "فلسطينيين" كانوا قد كلفتهم المخابرات الأمريكية بمراقبة الضباط الليبيين الذين كانوا يترددون على بار وكازينو ومرقص BAR & CASINO   CRAZY HORSE,  ، بقاعدةWHEELUS "امعتيقية حالية" – بطرابلس في العهد الملكي .

حصريا ( كتابات امنينة ) ذاكرة الايام

ذاكرة الأيام – 11
الحلقة الثانية  

ولازلنا بصدد المحاولات للبحث عن الفايروس
Still Searching for the virus

بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه


(2)   بعد مقابلة آرمند جوليوس هامر للملك إدريس، وبعد أن فشلت أمريكا (كندي) في استمالة ولي العهد المرحوم الحسن الرضا أثناء زيارته لأمريكا في أكتوبر 1962 (والتي دامت شهراً كاملاً) – بدأت المخابرات الأمريكية تبحث عن عملاء لها في الوسط المدني والعسكري .
   ولقد كان لأمريكا ثلاثة أهداف رئيسية في الشرق الأوسط :
1-  محاصرة المد الشيوعي والقضاء عليه بعد أن قلصّت بريطانيا نفوذها وقواتها في المنطقة خصوصاً بعد حرب السويس 1956 
2-    ضمان تدفق النفط
3-    ضمان بقاء وتفوق الكيان الإسرائيلي (الصهيوني) في فلسطين

     ومن أجل تحقيق هذه الأهداف كرّست أمريكا جهدها لإقامة حكومات تدين لها بالتبعية في المنطقة . وبعد اكتشاف النفط في إبريل 1959 أصبحت ليبيا هدفاً للهيمنة والأطماع الأمريكية .
    في بداية الأمر اهتمت المخابرات والسفارة الأمريكية بقيادة السفير ديفيد نيوسم           David Newsom   ( الذي شغل منصب سفير من أكتوبر 1965 إلى  يونيو 1969  – حين استبدل بجوزيف بالمر Joseph Palmer ) اهتمت بخريجي مدرسة الزاوية العسكرية وبعض ضباط كتائب طرابلس وأغلبهم برتبة نقيب أو رائد وفتحت لهم بوابة مطار الملاحة بطرابلس Wheelus الذي سماه الطاغية بمطار قاعدة امعيتيقه عام 1986، بعد غارات الرئيس الأمريكي رونالدريغن ( الوهمية – والمتفق عليها سلفاً مع الطاغية لتلميع صورته) ، وذلك بأن أنشأت عدّة بارات وكازينوهات ومراقص- كان أشهرها كريزى هورس (Crazy Horse ) أي الحصان المجنون، حيث يرتاده الضباط من جيش وشرطة لاحتساء الخمور ومجالسة الفتيات المستوردات من الخارج خصيصاً لهذا الغرض. وكانت أكثر المشروبات تقدم للحاضرين بالمجان أو بأسعار رمزية زهيدة. وزرعوا هؤلاء الضباط الذين يرتادون هذا المأخور عملاء عرب أغلبهم فلسطينيون ذلك من أجل مراقبتهم واختيار من يصلح منهم للتعاون والدعم- غير أن السلطات الأمريكية نفضت أيديها عن أولئك الضباط بعدما أدركت أن أغلبهم لا يصلح للمهمة !!


(3)   تجنيد عملاء AGENTS RECRUITMENTS
   نجح الأمريكان في تجنيد أربعة ضباط من الرتب الصغيرة أثناء وجودهم في أمريكا لحضور دورات تدريبية، ورسب أغلبهم في الاختبار العلمي مثل (نوري شعلان-  وهذا اسمه الحركي لدى المخابرات الأمريكية) والمعروف بتهوّره وحبّه للظهور والذي كشفته المخابرات المصرية بكل سهولة خلال شهر يوليو 1966 أثناء وجوده في القاهرة في مهمة ساذجة لجمع معلومات للمخابرات الأمريكية. وعند وصوله إلى مطار بنغازي قادماً من القاهرة هرع شعلان إلى اللواء نوري الصديق (رحمه الله) رئيس الأركان- الذي كان في استقبال رئيس الأركان التركي- وسرد له تفاصيل ما كان يفعل في القاهرة ظنـّاً منه أن الضباط المتجمعين في المطار كانوا في انتظاره للقبض عليه. أدلى شعلان باعتراف كامل حول مهمته الساذجة في مصر وحُكم عليه بالحبس سنة وطرده من الجيش .


         (إلى اللقاء في الحلقة القادمة )Ü .....

الأحد، سبتمبر 25

بدون تعليق

حصريا ( كتابات امنينة ) هائشة وجزيف

جوزيف وعائشة و "أمل"
في العودة إلى جهنم

بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه


   جهنم أسم قرية في نواحي "سرت" كان قد ولد فيها الطاغية سفاحاً، من أم يهودية وأب مسيحي أوروبي – ما علينا  .
  وكان هذا الطاغية قد كتب هذياناً في شكل مقالات منها "الفرار إلى جهنم"  و "انتحار رائد الفضاء" حواها في كتيبّ بحجم كتيب السيارة وطبعها على نفقة الشعب الليبي مثلما طبع بعد انقلابه الغادر البغيض كتيبّ في موضوع عسكري ينتقد فيه قادة مشاهير، إسمه "السوق والتعبئة ومبادئ الحرب" – على نفقة الشعب أيضاً.
  والهذيان في الوريقات الأولى التي هي في شكل مقالات كان قد أوحى إليه بفكرتها وأسلوبها بطل الهلوسة والهذيان في بنغازي آنذاك الغني عن التعريف رحمة الله عليه.
  أما الكتيب الثاني وهو الهذيان العسكري فلا داعي للتطرق لما جاء فيه ذلك لأن عناصره إمّا كانت متخـّيله أو منقولة .
الحاصل هذه هي جهنم التي فرّ منها الطاغية يوم 20/08/2011 وتتمنى ابنته اليوم العودة إليها مع جوزيف أميل شاكر وابنتها المولودة "أمل" بل وتعمل على ذلك، وتبشرنا بأن السيد الوالد بصحة جيدة ولا يزال يجاهد ببندقيته وستكون جثته وجثث أبنائه جسراً يعبر عليها المجاهدون ويدخلوا جهنم وسرت فاتحين بعد الفرار منها .
  عائشة هذه ألقت بتهمة الاغتصاب والقتل وبتر الأوصال على "ثوار الناتو وجنود قطر"، وأنا لا أجد ما أقول إلا "حسبنا الله ونعم الوكيل"، أو كما قال الشاعر :
إذا نطق السفيه فلا تلمه\ وخيرُ من إجابته السكوت
  أماّ جوزيف أميل شاكر، فقد خرج علينا في "فورما" حديثة إذ ذهب به "جبّور" إلى أحد أشهر صالونات القيافة والحلاقة "والتنتيف" وقاموا بحف شواربه، وصباغه ما تبقى من شعر رأسه وما تبقى من لحيته "القفل" أو السكسوكة وعاد أحمر اللون مشرئب بصفرة كما الأرناءوط . لكن الشاعر قال فيه :
    بكرت تحسّن لي سواد خضابى\ لكأن ذاك يعيدني لشبابي
ماذا يا ترى يجدى عليك سواده\ وخلاف ما يرضيك تحت ثيابي
  ولا داعي لذكر ما قال ولا قالت عائشة ولا قال مستضيفهم أكثر من ذلك ..
  لأنني لم أقدر على متابعة هذه القناة أكثر من ثلاث دقائق ولأنني لا أحتمل الاستماع إلى أو مشاهدة الهذر والبهتان والنفاق والمكابرة والكذب، وكل هذه الخصال الخمسة كانت هي العناصر التي يتركب منها خطاب الثلاثة مجتمعات : جبّور وجوزيف وعائشة .
  أتمنى لو أنني عرفت هذا الجوزيف قبل أن يبتليه الله بالقدوم إلى ليبيا والنباح، لكنت قدمت له هذه النصيحة لوجه الله وهي قول الشاعر :
لا تصحبنّ ذوي السلطان في عمل\ فتصبح على وجل وتمسى على وجل
كلِ التراب ولا تعمل لهم عملاً\ فالشر كلِ الشر في ذلك العمل
 أما أنت يا أم أمل يا صاحبة المقولة الشهيرة : (اقتلوا الجرذان اقتلوا الجرذان) حتى الملكة ماري انطوانت لم تنادى بهذا الرأي، بل قالت : أعطوهم "بسكويت" إذا كان هؤلاء الثوار قد ثاروا من أجل شحّ في الخبز. وعندي ملاحظة أخرى لا تحزني منها وهي أنني لم أجد وراء صوتك ولا أسلوبك في الخطاب على الهاتف ما يوحى أو يدللّ على أنك أنثى.. صدّقيني، أما صورتك المثبتة على الشاشة فهي طبق الأصل من جّدك لأبيك الفرنساوي الطيّار  الكورسيكى الذي سقط بطائرته في صحراء ليبيا أثناء الحرب العالمية الثانية واسمه "ألبار بريزوس"، والذي يشبهه أخوك المعتصم أيضاً ...
 أو تظنين نفسك تلك المرأة البطلة التي نادت : وامعتصماه – وامعتصماه ثم جاءها المدد ؟
فشتان بين تلك المستغيثة وبينك وبين معتصم اليوم ومعتصم الأمس .
أو تظنين ..؟
أوَ تعيّرين الأستاذ المستشار ؟ \ ألا ليتكـ عيّرته بما هو عار
فغطاء رأس الليبي وقار \ أعزّ من الشفشوفة والشعر المستعار
  وتتقولين بأن المجلس الانتقالي والتنفيذي كانوا قد أقسموا اليمين وتعاهدوا مع أخيك "زيف" لكنهم خانوا وغدروا وانقلبوا عليه !
وأنا أسألك : ألم يحنث أبوك الطاغية في قسمه الذي أقسمه عشيّة تخرجّه في الكلية العسكرية حينما استولى على البلاد وهو الذي خان وغدر وحنث؟ وعاث إفساداً وقتلاً وتدميراً ونهباً لثروات البلاد ليس بمفرده لكن كافة العائلة يعني عشرة أفراد بما فيهم الأم الرءوم وسيف العرب المحروم .
   لكن أعضاء المجلس كان سعيهم للإصلاح وإقامة العدل وإعادة بناء ليبيا واستعادة ثروتها المنهوبة خارج البلاد في حساباتكم المصرفية- ذلك بعد أن ثار شباب الوطن عراة الصدور بعد أن "فار التنوّر" واقتحموا وكر البركة الذي أسميتموه تجاوزاً بالفضيل ودمّروه حتى هرب الجرذان أخوك الساعدي الجبان "اللاعب" في ميزانية ليبيا، مع الجرذ الآخر زوج خالتك التشادي وولده الذين كانوا قد قاموا مع آخرين "يرتدون الطواقي الصفراء"؛ زوج خالتك هذا الذي اغتال عدد 1262 إنسان عام 1996 في سجن بوسليم غدراً وبدم بارد- هربوا كالجرذان المذعورة عندما امتنعت عليهم بنغازي العصيّة وعلى أرتال الطاغية أبوك صباح السبت 19/03/2011، والتي تم تدميرها عن آخرها وعندما علم فرعون أبوك بهذا النبأ العظيم سقط الهاتف من يده وسقط هو مغشيّاً عليه، ومنذ ذلك اليوم السبت 19/03/2011، وهو يستعمل "الكافوله" لأنه لم يعد يتحكم في المخرجات من جميع الجهات لفشل أودى بالبروستات بسبب الصدمات!
والله عزيز ذو انتقام، ولله الأمر من قبل ومن بعد
والحمد لله الذي أخذكم جميعاً أخذ عزيز مقتدر
 
وفي الختام لا سلام .


متابعات صحفية

السبت، سبتمبر 24

حصريا: ( امنينة) ذاكرة الايام 10

ذاكرة الأيام – 10
بقيّـــــــة :     
دعوة إلى تعديل في الميولات وأسئلة
 محيّرة تبحث عن إجابات
في القسم الأول من الحلقة - 8

بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه


    كان السؤال الأول : هل طالبان قادمون : وكانت الإجابة : نعم
السؤال الثاني :
  هل ظهر الفساد في البرَّ والبحر بما كسبت أيدي الناس في ليبيا أثناء معارك الجهاد والتحرير ضد الطاغية ومرتزقته وتجئ الإجابة : نعم
 ألا يعتبر فساداً وخسّةً واستغلالاً ودونية وطمعاً في تكوين ثروة على حساب ثورة وثوار ؟
   إنه بعد تفجير أو انفجار مخازن الأسلحة والذخيرة بالرجمة وسرقة مخازن أخرى في بنغازي كانت تعجّ بالسلاح والذخائر، فإنه قد نشأت عصابة للاتجار بالسلاح واستغلال وضع ظالم ومعركة غير متكافئة فرضتها حتمية التاريخ ودورة الزمن بعد إرادة الله ليتم نعمته على هذا الشعب بالاستمرار في جهاده المقدس والهادف لتحرير ما تبقى من مواقع ومدن في غرب البلاد وجنوبها .
نروى قصة واحدة من عدة قصص، كنت شاهداً عليها بنفسي :
   عندما شحّ السلاح والذخيرة في مصراتة وبعض مدن الجبل الغربي وتحديداً ككله وما جاورها، وذلك أثناء استعار المعارك، وحاجة سكان هذه المدن للسلاح للدفاع عن أعراضهم قبل أرواحهم وأراضيهم .
  وكان قد جنّ جنون الطاغية ومرتزقته بعد هزيمة فلوله غرب مدينة بنغازي يوم                 19 مارس 2011 – فعقد العزم على الانتقام في ساحات أخرى هي غرب البلاد وجنوبها، فهجم العدو الطاغية بمرتزقته وجنده بقدر ما أوتوا من قوة وعتاد وغلّ على أكثر من محور بأسلحته الثقيلة وصواريخه وذخائره التي كان قد سبق أن خزّنها "وشوّنها" منذ زمن في كل مكان في ليبيا متصورّاً لحاجته لها في يوم من الأيام- وفعلاً جاءت اللحظة المناسبة ودعت الحاجة لها- وكان ما كان .

قصة شايلوك اليهودي الليبي تاجر الرجمة :-
   روي لي صديقي تاجر الذهب ع.ز من بنغازي بأنه هو ورفيقين له توجه ثلاثتهم إلى أحد تجار السلاح – أثرياء الحرب ومنتهزي الفرص، وطلبوا منه تزويدهم بكمية محددّة ونوعية معيّنة من السلاح والذخيرة لحاجتهم إليها لإرسالها إلى الجبهات في مصراتة والجبل الغربي وذلك لشحّ أصابها- فقال لهم ذلك التاجر :
طلبكم موجود، والثمن هو 1.330.000 (مليون وثلاثمائة وثلاثون ألف دينار) ووافقوا على السعر غير أنهم قالوا له :
إن الموجود في هذه الحقيبة من مال ينقص بمبلغ ثلاثين ألف دينار فقط ورجوه وتوسلوا إليه أن يمهلهم إلى يوم غد لأن "الجرّافة" التي سوف تحمل السلاح ستقلع الليلة من ميناء بنغازي إلى ميناء قصر حمد ونحن بحاجة إلى إيصال هذه الشحنة لتكون بأيدي الثوار فجر الغد !! وكانت إجابته مثل إجابة "شايلوك" اليهودي في قصة "تاجر البندقية" لشكسبير :   لا ما نع لدى سوف أعطيكم الكمية ناقصة 30.000 ثلاثون ألف دينار !! لأنه هذا  "رزق ناس" والكل يعرف أن هذا بالفعل رزق الشعب وحقه في أن يحصل عليه بالمجّان وبدون مقابل إلا من روحه عندما يفقدها ويستشهد في سبيل شرفه وشرف البلاد- وكان الطاغية قد اشترى هذا السلاح من قوت هذا الشعب ليسفك به دمه وينهي أي مبرّر له للعيش في ظل حياة إنسانية كريمة- وجاء "شايلوك" ليحصل على هذا السلاح بالمجان ويبيعه بثمن الروح والدم للثوار الذين يشترون الحرية ويستعيدون الأرض والكرامة ببذل دمائهم ليمنحوها لأمثال "شايلوك" فلا نامت أعين الجبناء .
السؤال الثالث :
 ألا يعتبر فساداً في الأرض من قتل نفساً بغير نفس ؟
وألا يعتبر كأنما قتل الناس جميعاً ؟ نعم .. نعم
قائد جيش مغوار يحارب فرعون وجنده  ومرتزقته الذين اشتراهم  بمال ودم الشعب ليغتالوه ويغتصبوا حرائره ويلطخوا شرفه- وهدف هذا القائد هو رد المظالم، واسترجاع كرامة الشعب واستعادة ثروتهم وأرضهم- التي كان قد نهبها الفرعون غصباً أمام ناظريكم أيها الأنذال الغادرين ولم تتحركوا قيد أنمله ولما شمّر هذا البطل عن ساعديه وهبّ لنجدة ثوار 17 فبراير عراة الصدور، شمّرتم عن سراويلكم وغدرتم به فلا نامت أعين الجبناء.
 قائد يستحق النياشين لتزينّ صدره وجيده، وليس الخناجر لتفقأ عينيه، وتقطع أوصاله، وليس الرصاص ليخترق جسده ويحرق جثته !! ولم هذا الإسراف في القتل والتقتيل والتمثيل ولم هذا الحقد المريض ؟ وماذا جنيتم من ذلك الإثم ؟!
   لقد قال الله تعالى فيكم كلمته الفصل : فأنتم كمن قتل الناس جميعاً، أما الشهيد فهو اليوم في جنّة الرضوان ورفقة الأبرار وحسن أولئك رفيقاً فهنيئاً له والخزي والعار يجللّ رؤوس الكفار من الجبناء أمثالكم فقد أثلجتم صدور الطاغية وأزلامه، وشفيتم غلّهم وأطفأتم النار التي تلهب قلوبهم باغتيالكم لهذا الشهيد البطل الذي قهر فرعون عندما أنشق عنه منذ الساعات الأولى لاشتعال الثورة وقام بفتح مخازن السلاح لعراة الصدور، والذي أصدر أوامره لعسكر الأمن والشرطة بأن يمتنعوا عن مواجهة ثوار 17 فبراير الأشاوس ويلزموا مساكنهم .
فتحية غامرة، ودعاء بالرحمة للشهيد البطل اللواء عبد الفتاح يونس ولا نامت أعين الجبناء !!